تحول مرض السرطان في الآونة الأخيرة إلى هاجس مخيف لدى جميع المواطنين من مختلف الأعمار وخاصة بالجهة الشرقية للبلاد، حيث انتشر هذا المرض الفتاك بصورة كبيرة وبات يهدد المواطنين صغيرا وكبيرا مما استدعى تدخل الجهات الصحية. وأكد أطباء أخصائيون ل«البلاد"، أن التلوث البيئي والسقي بالمياه القذرة يعدان سببان رئيسان في الانتشار السريع لمرض السرطان على المدى المتوسط، كما يتسبب ذلك في أمراض أخرى كالكوليرا والتيفوئيد والزحار والالتهاب الكبدي الفيروسي وغيرها من الأمراض الخطيرة والفتاكة.
وأفاد مصدر طبي أن المواد السامة الناتجة عن السقي بالمياه القذرة تتكدس وتسبب سرطانات متنوعة تتطور بصفة مستمرة لتتسبب في النهاية في وفاة المصاب، ولا تزال قرارات محاربة استعمال المياه القذرة التي تصب في الوديان لسقي المنتوجات الفلاحية خاصة الموسمية منها؛ تجد صعوبة في التطبيق للحد من الظاهرة التي تزداد خلال فصل الصيف عبر عدة مناطق من عدد كبير من ولايات الوطن وخاصة الولايات الشرقية كسكيكدة وباتنة وبسكرة وتبسة وسطيف، وبعض الولايات الوسطى كالشلف والمدية وولايات أخرى من الغرب الجزائري كمعسكر والبيّض وغيرها من الولايات، ورغم ما تزخر به هذه الولايات من مصادر للمياه فإن فلاحيها أدمنوا على السقي بهذه المياه القذرة على طول أيام السنة في ظل غياب الرقابة، لتضيع بذلك صحة المواطن مقابل لامبالاة الفلاح وسعيه لتحقيق أكبر قدر من الربح باستغلال حواف هذه الوديان الملوثة لزراعة المنتوجات الفلاحية كالفواكه الموسمية مثل البطيخ إلى جانب البطاطا والخضروات الطازجة التي لا تطبخ وتحتفظ بالمياه المسقية بها كالبصل والسلطة، ورغم أن المصالح الفلاحية ووكل بداية كل صيف توجه إعذارات للفلاحين من منتجي الفواكه والخضر تحذرهم فيها من خطورة السقي بالمياه القذرة على صحة المواطنين فإن قراراتهم تضرب عرض الحائط ويستمر الفلاحون في سقي أراضيهم بالمياه القذرة وبيع منتوجاتهم في مختلف الأسواق وهو ما يشكل خطرا حقيقيا ومباشرا على صحة المستهلكين، خاصة أن أغلبية المواطنين لا يعرفون حقيقة ومصدر المنتوجات الفلاحية التي تباع في الأسواق على أساس أنها منتوجات من النوع الجيد، وأكد الدكتور محمد الطاهر عيساني المختص في تشخيص الأمراض وعضو مجلس أخلاقيات مهنة الطب على مستوى ولايات الشرق في اتصال ب«البلاد" أن السقي بالمياه القذرة سيتسبب حتما في عدة أمراض متنقلة عن طريق المياه كالكوليرا والتيفوئيد والزحار والتهاب الكبد من النوع "أ"، كما تتكدس على إثر تناول منتوجات مسقية بالمياه القذرة مواد سامة خاصة المعادن الثقيلة التي تسبب مباشرة سرطانات تتطور بصفة مستمرة على المدى المتوسط، ناهيك عن المواد السامة التي تتكاثر في الماء الآسن والمرتبطة بالفطريات السامة. ويضيف الدكتور محمد الطاهر عيساني أن السقي بالمياه القذرة وبالإضافة إلى تأثيره على صحة المواطنين فإن خطرا حقيقيا على البيئة كما أنه يقلص من المحاصيل الزراعية المختلفة ويضعف مردودها ونوعيتها، وكشفت مصادر متطابقة من الدرك الوطني أن مئات الفلاحين من 10 ولايات على الأقل قد تورطوا وبصفة مباشرة في سقي منتوجاتهم الفلاحية بمياه قذرة.