البلاد - آمال ياحي - تحركت اليوم وزارة الشؤون الدينية وتنظيمات نقابية وممثلين للمجلس الشعبي الوطني، للتنديد بتصريحات الكاتب سعيد جاب الخير، المسيئة للدين الإسلامي، واصفة إياها بالمحاولة الرامية إلى زرع الفتنة في المجتمع، وضرب مقومات الشعب الجزائري، تزامنا مع التعليمات التي وجهها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، إلى الحكومة بإعداد مشروع قانون يجرم كل مظاهر العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية في البلاد. ولا تزال ردود فعل مختلف الهيئات والتنظيمات تستنكر مواقف سعيد جاب الخير المعادية للدين الإسلامي، وآخرها ما قاله بمناسبة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، والتي أثارت أيضا غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث إن جاب الخير لم يجد ما يرد به على بعض "القلاقل"، التي اعتبرت الاحتفال بعيد يناير مجرد طقوس تكرس عهد الوثنية والجاهلية، من خلال مهاجمة الإسلام وانتقاد الشعائر الدينية، قائلا بأن الحج والأضاحي أيضا طقوسا وثنية أضيفت لها البسملة والتكبير، ثم تراجع عن موقفه على إثر موجة السخط التي أثارتها تصريحاته، قائلا أن أغلب طقوس وشعائر الحج موروثة عن مرحلة ما قبل الإسلام، وهي مرحلة وثنية بلا خلاف حسب فهمه، ولم يفعل الإسلام سوى إضفاء الصبغة التوحيدية عليها.
الأئمة: الإسلام خط أحمر وكل متطاول يتوجب معاقبته واستنكرت التنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، الخرجة "المسمومة وغير البريئة" على حد تعبيرها لسعيد جاب الخير، والتي تطعن في الحج والأضحية ووصفهما بالوثنية. وفي بيان لها، عبرت التنسيقية أمس، عن استيائها وفزعها من أن يهان الإسلام في أرضه وداره، من أبناء جلدته المتطاولين على قيمه، وشجبت هذا الفعل. كما طالبت التنسيقية بتدخل رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، باعتباره القاضي الأول في البلاد، ودعت إلى تحريك النيابة العامة للتحقيق فيما ادعاه هذا الشخص، وتشديد الرقابة التي تسيء إلى الإسلام باعتباره دين الدولة، حسب البيان ذاته. واستغربت التنسيقية سكوت المؤسسات الرسمية كالمجلس الإسلامي الأعلى وعدم تعامله مع القضايا التي تمس جوهر الدين.
بلمهدي: خدمة الوطن لا تأتي بنشر الفتنة وبيع البلاد إلى جهة أخرى من جانبه سجل اليوم وزير الشؤون الدينية والأوقاف، يوسف بلمهدي، موقفه من التصريحات المذكورة وخطابات الكراهية عموما، بعدم السماح "للمتربصين" بالجزائر ب'استغلال التنوع الثقافي الموجود فيها لضرب وحدتها واستقرارها"، مؤكدا أن خدمة الوطن لا تأتي عبر نشر الفتنة ولا بيع البلاد إلى جهة أخرى. وقال بلمهدي في كلمته، خلال افتتاح فعاليات ندوة علمية حول الوحدة الوطنية في التراث الأمازيغي بدار الإمام، تزامنا مع الاحتفال برأس السنة الأمازيغية 2970، إن "التنوع الثقافي الموجود في الجزائر يخدم الوطن ولا يزيدنا إلا ثباتا ويقينا، ولا يجب أن نسمح للمتربصين بنا بأن يستغلوا التنوع الثقافي لضرب وحدتنا وإفساد عيشتنا في وطن واحد". وفي هذا السياق، قال الوزير ردا على خطابات التقسيم إننا "لسنا أمة هجينة.. نحن جزائريون لدينا هويتنا وتاريخينا ونثبت وجودنا وكينونتنا وشرفنا الإسلام الذي رحبنا به وساهمنا فيه من خلال عديد الكتب وترجمة القرآن إلى اللغة الأمازيغية، وعقيدتنا هي ركيزة الشعب الجزائري الذي لن يحيد عنها"، داعيا إلى "تفادي المنكر من القول والعمل وعلى نشر الكلمة الطيبة عبر الإمام في المسجد والمعلم في المدرسة والإعلامي كل من منبره". وبالمناسبة، أبرز بلمهدي أن "خدمة الوطن لا تأتي عبر نشر الفتنة ولا بيع البلاد إلى جهة أخرى، بل عن طريق حب الخير للغير، حسب ما نص عليه الدين الإسلامي، الذي لا مكان للعنصرية فيه، ولا يجب أن نفرق بين مكونات الشعب، ولابد من حماية الإسلام والوطن عن طريق الخطاب الجامع الذي يدفع الفتنة والكراهية"، مشيرا إلى أن ثقافتنا واحدة رغم تنوعها وتخدم مصلحة الوطن، وتأبى أن يدخلها دخيل..إثارة النزاعات تفسد وحدتنا وانسجامنا ولابد أن نكون كالبنيان المرصوص لنحمي صفنا الداخلي من أي فتنة محتملة". من جانبه، دعا رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، صالح بلعيد، النخبة الوطنية والمفكرين إلى الاستناد إلى المرجعيات التاريخية لمواجهة التفسخ المنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي أضحت تشكل تهديدا خطيرا ومنبرا لنشر الفوضى والعنصرية، مؤكدا على ضرورة تجنيد الخطاب المسجدي والإعلامي وتكييفه مع واقع الحال لمحاربة هذه الظاهرة.
برلمانيون يناشدون رئيس الجمهورية التدخل من جهته، ناشد النائب بالمجلس الشعبي الوطني عن حركة مجتمع السلم، لخضر براهيمي، رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بصفته القاضي الأول في البلاد العمل بنص المادة 144 مكرر 02 في حق السعيد جاب الخير نظير منشور مسيئ للشعائر الإسلامية في صفحته بموقع "فايسبوك". ودعا براهيمي، في الالتماس الذي وجه لرئيس الجمهورية "التدخل المستعجل لتطبيق قوانين الجمهورية على كل المسيئين للشعائر الإسلامية ولوحدة البلاد كتابة أو رسما أو تصريحا أو بأية وسيلة كانت". وأشار البرلماني إلى منشور في صفحة الباحث، بتاريخ 12 جانفي يسيء للشعائر الإسلامية بعبارة (الوثنية شفتوها غير في يناير!؟ ماشفتوش في الحج وطقس الدم الأضحية؟ هاذي أيضا طقوس وثنية، زادولها غير البسملة والتكبير). تجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية كلف الوزير عبد العزيز جراد أمس، بإعداد مشروع قانون يُجرم كل مظاهر العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية في البلاد. وتابع المصدر، بيان رئاسة الجمهورية أن هذا الإجراء، يأتي بعدما لوحظ ازدياد خطاب الكراهية والحث على الفتنة خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، كما يأتي لسد الباب في وجه أولئك الذين يستغلون حرية وسلمية الحراك برفع شعارات تهدد الانسجام الوطني. كما، وخلص بيان رئاسة الجمهورية، إلى أن "الجميع مطالبون بالتقيد بالدستور وقوانين الجمهورية، لاسيما فيما يتعلق باحترام ثوابت الأمة وقيمها والمكونات الأساسية للهوية الوطنية والوحدة الوطنية ورموز الدولة والشعب".