الماصوات، أي البناؤون بلغة الشارع أنواع ومستويات، وإن هم شركاء في المهنة كلّ وفق اختصاصه: الماصو الأصلي أي بناء الآجر والحجر '' والبيطون'' على مشارف أن يكملوا برنامج المليون مسكن لمليون مسكين وزعيم.. لولا ارتفاع سعر الإسمنت الأسود بشكل لافت للانتباه وهكذا وضع السّلاح ''المارتو'' وارتاح!! والماصو المقلد نسبة للسلع المقلدة الذي اسمه الصحافي يأتي وهو يحملها أي الجريدة وراء ظهره وليس بيمينه، وسمي هكذا لأنه مثل لقبايلي الذي تمدن وشيد فيلا فخمة، حيث يجمع أحجارا أمامها حجرة فوق حجرة (وبدون اسمنت) ربّما للذكرى... إن طلعت عليها دجاجات سقطت كما تسقط العمارة (تاع الحاج لخضر) كما وردت في مسلسله الأخلاقي! وليس الفني وثمّة ماصوات آخرون في الإدارة على شاكلة الذي يسمى ولد عباس (ابن فرناس) الذي طار ثم حطّ فوق رأس بن بوزيد ليعينه في توظيف جامعيين كعسس في إطار تشغيل الشباب وتوظيفهم داخل المدارس وهذا لمحاربة العنف المدرسي! ''مطارفية'' برتبة جامعية!! عدد الجامعيين البطالين قد يصل خلال العشرة أعوام القادمة إلى نفس عدد العوانس من النسوان (وليس من الرجال) الذي يكون في حدود 9 ملايين وفق أرقام غير رسميّة والأرجح أن العدد أقل إذا ما أخذنا الصيغ الجديدة التي ابتدعها الخلق في مسألة الزواج وإعادة الزواج! فالجامعة تدفع والشارع يبلع في وقت ثبت فيه بالدليل والبرهان أن سوق العمل في المؤسسات قد ضاق، وليست له آفاق، ولم تبق إلا مسألة الحرفة والهربة كآخر حل مثل الكي آخر الطب! ولهذا بات هؤلاء يشكلون عبئا ثقيلا على الحكومة التي عجزت حتى عن تحويل المتقاعد إلى قاعد وإفهام أصحاب السيزيام بأنه لم يعد لهم مكان والأفضل لهم أن يغادروا بعد أن فات الأوان وطلعت الشمس على الذيب والحلوف وهم لم يصلوا بعد مشارف الوديان فيكتشفون أمره، والحال أن الماصو المقلد قد تلقى الضوء الأخضر بأن يكشر ويصفر ويزمجر إذا ماثبت له بالدليل والملموس - ولو كان بالسكين والموس بأن مولى السيزيام في شركات الرعيان، من عام وخاص لهف المال وهو لايبالى، كأنه الوالي يحسب أن الرشوة حظوة ونخوة و''قفازة'' وحتى قفزة على شاكلة قفزة الدجاجة من أعلى جدار الفيلا التي بناها صاحبنا من الأحجار (غير الكريمة) التي بناها صاحبها على شكل جدار أمام الدار لتكرار الماضي المجيد أيام عيشة البلاد والأولاد! وعندما يصبح العجز قائما يشهد عليه حتى الأعمى، تتفتق الأفكار الإينشتاينية، نسبة الى إنيشتاين صاحب نظرية النسبية، أي ''لاهي بيضاء ولاهي كحلاء'' فخرج علينا بابا نوال ليعرض على بابا الوزراء وعميدهم بن بوزيد إنه سيمده ب 20 ألف من الجامعيين البطالين لتقرير مصيرهم بصفة مؤقتة، ومن دون استفتاء! والمضحك في الأمر أن الغلاف المالي للعمليّة يعادل نفس الغلاف المخصص لمحاربة آفة مرض الخنزير وهو 800 مليار! فهل هذه مجرد مصادفة أم إن الأمر مقصود، أم إن الحكومة نفسها التي نخرها تقهقر عملة الدينار لم تعد تحسب إلا بالمليار عند إعداد المشاريع التي توزع كنوع من الريع على أعوانها ودوائرها، وتحسب بالسنتيم مع أجرة المسكين! والمهم أنه وفق إرشادات ولد عبّاس فإن عددا من الجامعيين سيتولون ''مساعدة التلاميذ على الدخول والخروج من المدرسة'' وتنظيمهم في الساحة وحفظ النظام بالقرب من المدرسة، وحتى منعهم من التدخين! وهناك عدد منهم سيكلفون بمساعدة التلاميذ على إعداد امتحانات نهاية السنة! وتصوروا الآن معي هذا المشهد المضحك المبكي في دولة الأميين وليتها كانت دولة مثقفين: خريج جامعة سموه ''مرافق تربوي'' يرافق التلميذ في الدخول والخروج فهو مثل أمه وقد يذهب معه إلى المرحاض ويهش خارج أسوار المدرسة ماذا نسميه! الجواب عسّاس، وليس بوليسي ومستواهم لا يتعدى الثانوي أو ''مطارفي'' ومعناه حراس حظائر السيارات في المواقف العشوائية وشهادته المطرف (العصا) التي في يده! وتخيلوا معي أيضا ماذا سيدور في أذهان التلاميذ، وهم يرون خريجي الجامعات - وبعضهم في الفروع العلمية والتكنولوجية يقبلون بمناصب مؤقتة من هذا النوع تضحك الصبيان وهم بين الأحضان، الأكيد أن هؤلاء ستتولد عندهم ردة فعل عكسية تجاه العلم والاجتهاد فيه وهم يرون النتيجة أمامهم! فبائع الشمة والدخان على قارعة الطريق أكثر مردودية وأمان! وليس جديدا على ولد عباس الذي عرض قبل أعوام على الجامعيين تسيير مراحيض عمومية بعد أن تبنيها لهم البلديات كحل بديل للعمل في الشركات التي يتفرعن فيها الأقزام أصحاب الرابعة إبتدائي والسيزيام! الخماس واللحاس وأعود الآن للماصو المقلد، ليس فقط لأنه خصص له يوم يتحدث فيه عن عيشته السوداء في الحمّام وإنما لكون أن البطال من النوع الجامعي في بلاد ''كل شي على مايرام بما فيها الحلوف في غابة بينام''، يمكن أن يصبح مخربشا كبيرا بمجرد أن يوسع في رقعة أذنه لكي تصبح على شالكة أذن الحمار فيتلقى الأخبار الساخنة من مصادرها، حيث مكان الحلوف الذي يقوم حتى هو أحيانا بغارات فجائية ضد المناطق الأهلة! فالأمر الآن قد حسم وفصل فيه ولم يعد فيه مكان لقول ''لا'' لأنها تجلب البلاد، وحتى ربط اللسان من السوط فلاتشطيط ولا شطط، فلا أحزاب جديرة بهذه الكلمة، ولانقابات، وإنما مجرد هيئات وجمعيات خيرية أو في شكل ''صارل'' يدور بينهم الخدم والحشم يوزعون عليهم كؤوس الشاي يتلهون بها كما يتلهى الرضع بالمصاصات ليشربوا من دمنا ودم الآخرين! وعندما يصبح الوضح العام قد رتب على أساس أن لا كلمة تعلو فوق كلمة السلطان أو أحد الأعوان أو الأعيان، فعلى الصحافة السلام! فهؤلاء لايحتاجون من الكتبة العموميين شيئا مادام عندهم مال البترول و''القزول''! إلا إذا تطوعوا في التطبيل و التهليل فقد اتفقوا فيما بينهم على تصنيف الحلال من الحرام، ولا جدال ولا مجال في إعادة التنقيب فيه! وما على الكتبة إلا أن يفهموا بأنه قد ''فض'' السوق ولم يعودوا إلا بوقا ينفخ في المزامير التي لم تعد تصل حتى مسامع القراء بعد أن تدحرجوا حتى هم من قائمة الأولويات إلى الدرك الأسفل ومعهم جملة المواطنين المسمون ''غاشي'' الذي لايكون له شأن لضرب الشيتة مثلما هم لايحتاجون للمواطنين إلا حين يدق أذان الانتخاب لإخراج بعضهم من الجحور أمام الباب، لا لشيء إلا ليباهوا غيرهم بأنهم محبوبون جدا ورأيهم صواب، وأن كل هؤلاء خرجوا من أجل نصرة حكمهم الراشد الذي انتهى بتحويل الجامعي إلى عساس مؤقت كما أفتى ولد عباس وغير الجامعي إلى إطار سامي وسياسي وإن كان برتبة خماس ولحاس!!