عقدوا لقاء خاصا بتلمسان شارك فيه حقوقيون وإطارات بالدولة طالبت مجموعة من الشخصيات الحقوقية والرسمية، في ندوة خاصة عقدتها منتصف الأسبوع الماضي بتلمسان، رئيس الجمهورية والجهات المشرفة على ورشة تعديل الدستور بإلغاء المادة الثانية منه التي تنص على أن الإسلام دين الدولة· وعلمت ”البلاد” من مصادر حضرت اللقاء، أن النقاش تمحور حول رؤية المشاركين فيه لشكل التعديلات التي ستأخذها الوثيقة القانونية الأولى في البلاد، كما أثير الحديث حول المواد التي يطلق عليها بعض الفقهاء في القانون مصطلح ”الفوق دستورية” وهي تلك النصوص التي لا تقبل الحذف أو التغيير باعتبارها ترسم شكل وهوية الدولة· وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن اللقاء حضرته أسماء حقوقية معروفة على غرار حسين زهوان رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ونائب عام سابق بمجلس قضاء بشار، إضافة إلى عدد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة· الغريب في الأمر ما قيل عن مشاركة إطارات حاليين من وزارتي الاتصال والثقافة، في هذا اللقاء الذي لم يتسرب عنه شيء لوسائل الإعلام، إلى جانب شخصيات حزبية سابقة تحفظ المصدر على ذكر أسمائها· ومع أن الرئيس بوتفليقة كان قد تعهد شخصيا وقت إعلانه عن حزمة الإصلاحات الدستورية والسياسية، باحترام ومراعاة الثوابت الوطنية التي سبق وأن أعفاها الدستور الحالي من كل تغيير أو إلغاء، فإن إثارة النقاش حول هذا الموضوع تحديدا في هذا الظرف بالذات كما يراه متابعون، يحمل دلالات واضحة لا تخفي تأثرها بالمتغيرات الداخلية والإقليمية المحيطة بالجزائر، خصوصا بعد تصاعد حدة النقاش الإيديولوجي بين النخبة العلمانية في تونس التي حركت في الأشهر الأخيرة آلتها الإعلامية والدعائية للتخويف من التيار الإسلامي خصوصا بعد اكتساح حركة النهضة ذات التوجه الإخواني انتخابات المجلس التأسيسي بحصولها على 90 مقعدا، منحها نسبة مريحة تمكنها من تشكيل حكومة ورسم توجهات الدستور الجديد الذي سيحكم البلاد· وعلى الرغم من أن هذا النوع من النقاش المشوب بخلفيات الإيدولوجيا والتصارع حول هوية الدولة، قد خبا صوته في الجزائر منذ أكثر من عشرية، لحساب الهم الاجتماعي والاقتصادي، إلا أن شخصيات بارزة محسوبة على التوجه اللائكي الفرونكفوني مافتئت تعيد النبش في هذا النوع من جدالات الهوية التي لم تعد تستهوي الجزائريين باعتبارها أمورا جرى الفصل فيها منذ ما قبل الاستقلال· وكانت لجنة بن صالح للمشاورات السياسية قد تلقت مطالب من شخصيات جرى دعوتها لإبداء رأيها في حزمة الإصلاحات بصفتها تمثل جهات حقوقية، تشير إلى رغبة هؤلاء في إلغاء المادة الثانية من الدستور، التي لم تشكل في أي وقت من الأوقات مشكلا لدى الجزائريين باعتبار أن النسيج البشري والديني في الجزائر واحد ولا يثير أي حساسيات طائفية أو مذهبية كما هو الحال في بلدان المشرق العربي، ومن بين تلك الوجوه الناشطان الحقوقيان ميلود براهيمي، وبوجمعة غشير اللذان أكدا تضمين لائحة المقترحات التي رفعاها إلى الرئيس بوتفليقة مطلب إلغاء مادة ”الإسلام دين الدولة”، تلاهما في ذلك رئيس الكنيسة البروتستانتية بالجزائر القسّ كريم مصطفى الذي عرض المطلب نفسه على وزير الداخلية دحو ولد قابلية، خلال لقاء أخير جمعهما قبل شهرين· الجدير بالذكر، أن دستور 1996 الجاري العمل به حاليا ينص على 6 مواد صماء في الدستور لا يمكن المساس بها، وهي الواردة في المادة 178 التي تنص على ” لا يمكن أي تعديل دستوري أن يمس: الطابع الجمهوري للدولة ونظامها الديمقراطي التعددي وكذا الإسلام باعتباره دين الدولة والعربية لغتها الرسمية والوطنية والحريات الأساسية وسلامة التراب الوطني”·