لفظت الفتاة المسماة ح.ط.خ أنفاسها الأخيرة، مساء أول أمس، متأثرا بالضرر البالغ الذي طال جهازها الهضمي مما استوجب بقاءها بغرفة العناية المركزة لمدة تجاوزت الأسبوع في محاولة لإنقاذ حياتها، حيث تعود بداية الحالة إلى يوم 22 من الشهر الماضي بمسرغين، حيث عمدت الضحية إلى تناول كمية معتبرة من مادة الكاشط محاولة منها وضع حد لحياتها لأسباب لم يفصح عنها، لتنقل على إثرها إلى مصلحة الاستعجالات بالمستشفى الجامعي، إلا أن عملية تنظيف الجهاز الهضمي وغيرها من المحاولات باءت بالفشل، وحتى أمر استمرار حياتها بعد الحادثة كان سيمثل إعاقة كبيرة للضحية. تجدر الإشارة إلى أن وجود الأفراد بمحيط مليء بما يدفع للإقدام على الانتحار يشكل عائقا أمام نمو التركيبة الاجتماعية ويمثل ضغطا شديدا على أفراد المجتمع، إذ إن الحالة المعيشية والاقتصادية للمواطنين تمر بمرحلة عصيبة، إلى جانب الخلافات العائلية وضعف العلاقات والروابط الإنسانية مما يصنع حيزا نفسيا فارغا يتخبط فيه الشباب بالدرجة الأولى، مع الإشارة إلى أن جميع الشرائح تقبل على موضة الانتحار الذي يرون فيه الحل الأمثل للخروج من مشاكلهم، دون إغفال وطأة ما يسمى بالصدمات العاطفية التي تكون أقسى على الجنس اللطيف. هذا، مع التذكير أن السنة الماضية كانت حافلة بحوادث الانتحار وتربعت النساء على مقدمتها وذلك باستعمال الأسيد الذي يعد من أخطر الوسائل وأسهلها في ذات الوقت، لاسيما إذا أشرنا إلى العواقب الضحية الوخيمة التي تتبعه إذا لم تتوف الضحية، حيث سجل خلال السنة الماضية وفاة 60 شخصا في محاولات ناجحة لوضع حد لحياتهم، في حين فاقت المحاولات الفاشلة الألف وهو رقم مرشح للتضخم خلال السنة الجارية إذا ما كانت عدد المحاولات الناجحة منذ بدايتها وتصل إلى8 حالات، والمحاولات الفاشلة تجاوزت 20 محاولة. وهو مؤشر خطير يبرز مدى الانحدار الذي تعانيه ثاني عاصمة في البلاد ويطفو على السطح بشكل جلي التفسخ الاجتماعي، فبالنظر بشكل عام إلى ما يحدث في ولاية وهران باعتبارها كانت تتوسم لقب الباهية حقبة الثمانينيات والسبعينيات فإنها الآن ومنذ فترة تكابد قرب انقراض مبانيها وتكدس شوارعها بصفوف المتشردين والمختلين عقليا، تلوث الأرصفة بفضلات مواطنيها. وما زاد الطين بلة هو الانعدام شبه التام للأمن، إذ أضحت مصلحة الاستعجالات بالمستشفى الجامعي تستقبل ما يقارب 4 إلى 6 حالات يوميا من حالات الاعتداء بالسلاح الأبيض دون إغفال عدد جرائم القتل التي وصلت إلى 15 انتهاء بوقائع الانتحار المتكررة وهو تأزم ينذر بشيء أكبر من اللخبطة بطريقة ما