جدد رئيس الهيئة الوطنية للخبراء المهندسين المعماريين، الخبير في العمران الدكتور عبد الحميد بوداود، تحذيراته بخصوص أشغال ”المترو” على مستوى البريد المركزي ساحة الشهداء التي تهدد حسبه بنايات عديدة في القصبة العتيقة بالانهيار· ودعا بوداود في حديث ل”البلاد”، أمس، السلطات الولائية إلى وضع دفتر صحي للبنايات العتيقة للوقوف على الوضعية التقنية للعمارات القديمة في القصبة· وأضاف قائلا ”إنه من الضروري أن يستمع المسؤولون لآراء المهندسين المعماريين المختصين”، مشيرا إلى أنه سبق قبل ست سنوات أن أشار إلى هذه النقطة بالذات، موضحا أن مثل تلك العمارات تتطلب تحليلا تقنيا دقيقا حتى تتمكن الجهات المعنية من إحصاء العمارات المهددة في القصبة وتصنيفها عن طريق ”دفتر صحي” للسكن على مستوى كل بلدية وملف لتحديد مخاطر السكن حتى يمكن معاينة السكنات، فضلا عن إعادة تهيئتها وصيانتها في كل مرة، وهذا للحفاظ عليها كمعلم ثقافي وتاريخي جزائري عريق· وبعد مرحلة تحديد هوية تلك العمارات، إما أن نقوم بترميمها أو تهديمها وبالتالي يتطلب ذلك أياما تحسيسية لمواطني القصبة حتى نتمكن من امتصاص نفسيتهم، خصوصا أولئك الذين ترعرعوا في القصبة · وبالرغم من تطمينات المسؤولين المتعلقة بأشغال إنجاز الشطر المتبقي، إلا أن تهديدات ”الميترو” في المنطقة المحاذية لقصبة الجزائر كبيرة جدا، خصوصا على مستوى العمارات الهشة والآيلة للسقوط· وقال رئيس الهيئة الوطنية للخبراء المهندسين المعمريين أن مخاطر ”المترو” في تلك المسافة التي تبقى قيد الإنجاز، كبيرة جدا على مختلف البنايات المحاذية له وعلى ساكنيها على وجه خاص جدا· وواصل بوداود أن المشكل الأكبر في بنايات القصبة وساحة الشهداء هو انعدام دفتر صحي للعمارات القديمة بمحاذاة موقع الميترو وهي العمارات التي تبقى تاريخا عريقا لقصبة الجزائر من جهة وتتطلب إما العناية أو التهديم من جهة أخرى· وحول تلك المخاطر، قال المهندس المعماري إن هذه الأشغال ستعمل على تغيير شكل ساحة الشهداء والحي المجاور لها المرتبط تاريخيا بالقصبة العتيقة التي تعد مركزا تراثيا ضخما للجزائر العاصمة وللجزائر ككل· وبالإضافة إلى ذلك هناك مخاطر أخرى تهدد ”القصبة” العتيقة حسبه تتمثل في أن الحي يعد أكبر كثافة عمرانية تراثية للجزائر وهو ما يشكل خطرا على المحيط العمراني لساحة الشهداء وعلى الساحة نفسها· وتتواجد الساحة على خطين من الأقبية: الأقبية العثمانية والأقبية التحتية وهي الأقبية المهددة بسبب نمط سير وتحرك ”الميترو”ئكثيرا· وعليه يجب التحلي بكثير من الحذر، حيث إن ساحة الشهداء وبعض العمارات المحيطة بها منشأة مهددة أيضا بالسقوط، بالنظر إلى نوع والسنوات التي مرت على بناء تلك العمارات القديمة· وأضاف أن ”السكن مثل الطفل الصغير يحتاج إلى رعاية وعناية وصيانة”· كما قدم مثالا على ذلك من خلال القصور الموجودة في أوروبا التي عمرها 500 سنة ولكنها لحد الآن ما تزال جديدة· وفي المقابل من ذلك يضيف بوداود أن هناك سكنات عمرها سنتين، لكنها تشكل خطرا على السكان وهنا يدخل عامل الصيانة الدورية للسكن· في سياق آخر، أشار بوداود إلى أنه تقنيا 50 في المائة من الحظيرة السكنية في بلادنا هي عبارة عن سكنات هشة· فيما توجد سبع بلديات على مستوى الجزائر العاصمة تحتوي سكنات خطيرة على أصحابها وهي (بلكور، باب الوادي، المدنية، بني مسوس، الحراش، حسين داي، الجزائر الوسطى)، بسبب انعدام الصيانة· كما كشف بوداود أن 50 في المائة من السكنات الموجودة في القطر الجزائري توضع في الخانة الحمراء، موضحا أن الآلاف من السكنات التي يعيش فيها الجزائري لا تحظى بالصيانة الدورية من أجل الحفاظ عليها وهو ما يجعلها تشكل خطرا على المواطن· للإشارة، سبق للمهندس المعماري حليم فايدي أن حذر من مخاطر الأشغال التي تقوم بها مؤسسة تسيير ميترو الجزائر، بسب تهديده لساحة الشهداء والمواقع التراثية الموجودة في منطقة ”القصبة” التي تعد موقعا أثريا تم تصنيفه ضمن التراث العالمي من طرف اليونسكو·