تفاقمت معاناة أزيد من 58 عائلة تقطن بحي ”جايس”، التابع لبلدية بولوغين، مع رداءة الأحوال الجوية بفعل انجراف التربة مما جعلها تبيت في العراء طيلة أسبوع كامل دون أن تتدخل السلطات المحلية التي اكتفت بالتفرج على المأساة والوعود· البنايات لم تصمد بعد أربعين عاما أمام الطبيعة
وقفت ”البلاد” على حجم الكارثة التي تهدد سكان حي ”جايس” ببولوغين وهو الأمر الذي قادنا إلى عين المكان، حي وقفنا على حجم معاناة العائلات التي تقع بيوتهم في منطقة جبلية، الأمر الذي فاقم من وضعيتهم لاسيما بعد ظهور تشققات بالجدران وأعمدة سكناتهم التي أدت إلى انهيار أسقف أغلب البيوت الموجودة بالحي، فأجبروا على هجرها بسبب خوفهم من أن تنهار فوق رؤوسهم في أية لحظة· وأمام هذا الوضع قامت مصالح الحماية المدنية بمعاينة المكان وطلبت من العائلات ضرورة المغادرة إلا أن الجهات المسؤولة بالبلدية لم تؤد دورها حسب أقوال السكان الذين أكدوا أنهم نقلوا انشغالاتهم إلى مصالح البلدية إلا أنها أهملت الأمرئ·
كما عبرت بعض العائلات التي انهارت بناياتها بحي ”جايس” بأعالي بولوغين، عن قلقها جراء الوضعية الصعبة التي أدت بهم الى المبيت عند الجيران مند يوم الثلاثاء الفارط بسبب تسرب المياه والأوحال بفعل الأمطار الغزيرة والثلوج المتساقطة·
بالإضافة إلى ظهور أخطار أخرى مثل الشرارات الكهربائية بسبب تسربات المياه وشبكة الغاز التي توسعت بنايات القصدير فوقها، مما صعب أشغال الصيانة بالحي· كما أن الوضعية المهترئة للبنايات جعلت كل أشغال الصيانة أو الترميم غير مجدية، على حد تعبير السكان، حيث قال أحدهم إن الأرضية التي تشغلها كل السكنات لا تصلح للبناء بدليل الانزلاقات التي باتت تهدد أمن وسلامة السكان، خاصة في فصل الشتاء، حيث تبتل الأرضيات وتصبح أكثر هشاشة وانزلاقا من باقي فصول السنة·
وما زاد من تأزم الوضع أن حي جايس تتوسطه منحدرات باعتبار أن المنطقة جبلية، مما ولد الكثير من المخاوف إذ أصبح هاجس الانهيار ينغص عليهم حياتهم·
جفوننا لا تغمض في الشتاء··
بكثير من الأسى حدثتنا عائلة ”حجام” والعائلات الأخرى أن الخوف بات يلازمهم وأطفالهم، فمع كل هبة ريح ضعيفة يخيل إليهم أنهم سيلقون حتفهم، وأن العديد من العائلات قد هجرت نحو مواقع مختلفة عند أقاربها خوفا من أن تحصد أرواحها إثر سقوط الفيلا ذات الستة طوابق، لاسيما بعد تآكل الجهة السفلية برمتها، مما استوجب دق ناقوس الخطر تقول العائلات المتضررة، مشيرين في السياق ذاته إلى أنهم حملوا شكواهم إلى كل الجهات المعنية بالأمر، إلا أنها لم تتدخل لحد الساعة لانتشالهم مما هم· كما أكدت العائلات أن سكناتها أضحت لا تطاق نتيجة قدمها إذ ومنذ الأربعينيات يؤكد هؤلاء أنهم ظلوا يقومون بأشغال التهيئة ببناياتهم لكنئذلك لم يجد نفعا، نظرا لهشاشة البنايات لأسباب أهمها انزلاق الأرضية وارتفاع الرطوبة· كما أصبحت رائحة التربة المنبعثة من الأسقف والأرضية التي وصل سمك تشققها إلى أكثر من 15 سنتيما مما تسبب في إصابة الأطفال بأمراض الحساسية والربو، ناهيك عن تعرضهم لعدة مشاكل نفسية إضافة إلى أننا نأخد أطفالنا إلى المدرسة خوفا عليهم من السلالم التي باتت تتحرك خاصة عند تهاطل الأمطار·
كما أضافت السيدة معمر أن التقرير التقني لهذه المنازل أظهر استحالة السكن فيها، لأنها مهددة بالانهيار وأنها لا تصمد أمام عوامل طبيعية مرة أخرى، إذ سيزداد سمك تشققها في حال سقوط الأمطار التي تتسرب بين الجدران والأرضية مما يساعد على تحرك البناية باستمرار، مشيرة إلى أنه أصبح حلما أن تعيش داخل شاليه لتخبئ أطفالها الأربعة قائلة ”أصبحنا نعيش في خوف، فقد حرمنا من المناسبات أو زيارة الأقارب بسبب خوفنا على أطفالنا، والآن نحن نبيت عند الجيران مند الأسبوع الفارط·
البنايات الهشة·· انتظار الموت في كل لحظة
كما أرجع سكان االحي سبب انزلاق التربة هو الضغط الكبير من طرف البنايات الهشة مع ضرورة وضع حد لظاهرة البناء دون رخص التي تحدث أمام الملأ ودون أن تحرك السلطات المعنية ساكنا، واصفين حالتهم بالمزرية بعد أن أصبحت منازلهم التي كانت تؤويهم وأهلهم منذ أكثر من أربعين سنة خلت مهددة بالانهيار منذ حوالي عشر سنوات عندما شيد أحد المواطنين فيلا من ستة طوابق بمحاذاتهم مما تسبب في انزلاق التربة، ناهيك عن الفيضانات التي زادت الطين بلة· وأكد هؤلاء السكان أن مخاوفهم تضاعفت عندما ظهرت للعيان بداية تآكل الجزء السفلي منها، مذكرين في السياق ذاته بأن صاحبها بنى هذه البناية دون احترام المسافة القانونية بين البنايات·
البلدية محل سخط العائلات المنكوبة
في حديثنا مع سكان الحي أعربوا عن سخطهم على الجهات المعنية التي لم تقدر حجم معاناتهم حيث وجهوا أصابع الاتهام إلى جميع المسؤولين بالبلدية مؤكدين أنهم أصبحوا لعبة بين المصالح المعنيةو مشيرين إلى أن الولاية قد أرسلت لجنة خاصة لمعاينة بناياتهم وإحصائها مرتين، إلا أن مصالح البلدية قادتهم في المرة الأولى إلى الفيلا المجاورة، أما المرة الثانية فقد قادها مسؤولون بالبلدية إلى حي الطاحونتين وقيل لهم إنه سيتم إرسال اللجنة الولائية من أجل ضمهم إلى برنامج السكنات الهشة، غير أنه وبعد مرور فترة من الزمن تفاجأوا بأن عمل اللجنة قد انتهى دون أن يدرجوا ضمن هذا البرنامج·
كما يأمل السكان من السلطات العليا بعد أن سئموا وعود مصالح البلدية التي بقيت مكتوفة الأيدي أمام تفاقم الوضعية، التدخل والإسراع لإنقاذهم وأطفالهم وإفادتهم بلجنة تحقيق للكشف عن جميع ملابسات القضية التي أسالت الكثير من الحبر·