تشير الأخبار المستقاة من كواليس أحزاب سياسية كبرى إلى أن قادتها بدأوا في مراجعة إستراتيجية إدارة الحملة الانتخابية على ضوء الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية· وإن صحت المعلومات المتداولة فإن الذين راهنوا على اصطفاف الإدارة بجانبهم والعبث بنتائج التشريعيات بطريقة أو أخرى يستشعرون أمرا جديدا هذه المرة· كما أن الذين انساقوا وراء الحملة الشرسة على الإسلاميين أدركوا أن القصد هو ضرب سند قوي للتيار الوطني والقيم الوطنية الكبرى· وعندما تشرع الطبقة السياسية في مراجعة حساباتها لأنها بدأت تشعر بجدية النوايا المعلنة بخصوص نزاهة الانتخابات القادمة، فإن هذه المراجعة ضرورية لكل الآليات القديمة في التعامل مع أصوات الناخبين·· ولأن المواطن لا يخطئ القرار، فلا خوف من اختيار الشعب في العاشر من شهر ماي القادم، لأنه سيكون مبنيا على القيم الأساسية لهذه الأمة التي قاومت كل محاولات الانحراف بها عن السكة· والذين يحذّرون من فوز التيار الإسلامي إنما يقصدون ضرب التيار الوطني· ولأن الجزائر ستظل صامدة ما ظل هذان التياران متلاحمين فلا بد من ضرب أحدهما لتسهيل مهمة القضاء على الثاني، وهو ما بدأت تشعر به رموز الأحزاب الوطنية والإسلامية التي شرعت في تغيير خطابها نحو هدنة لها أبعاد إستراتيجية أكثر منها تكتيكية، لأن خلق أجواء عدائية بين رمزين أساسيين في موازين القوى داخل الطبقة السياسية من شأنه فتح الباب أمام مغامرين آخرين لم يترددوا في الاستجداء بفرنسا وطابورها، وفي تأليب الخارج على الداخل عوضا عن مخاطبة المواطن والاستقواء بأصواته وقوة ضغطه· فهل ستنتهي هذه المراجعة بتحالف وطني إسلامي لا يهم إن كان قبل الانتخابات أو بعدها يضع في الاعتبار رهانات الأمة عوضا عن الجدل العقيم الذي لا يخدم سوى تيار التغريب والاستئصال؟ هذا الأخير الذي يعيد استنساخ خطاب فوبيا الإسلاميين، وهو خطاب أثبتت المتغييرات الإقليمية أنه غير واقعي ومنطقي بحكم التعايش الحاصل في الجوار العربي والمغاربي بين الإسلاميين وكافة التيارات الوطنية والعلمانية واليسارية·