يحتار خبراء الإعلام والاتصال عند متابعتهم للتلفزيون الوطني المسمى اختصار ب”اليتيمة”، فلا هو بالعمومي الذي يخدم سياسة الدولة ومصالح الأمة والشعب، ولا بالحكومي الذي يروّج لسياسة حزب أو مجموعة أحزاب حاكمة· وعندما حدث التغيير الأخير داخل مؤسسة التلفزيون اعتقد الكثير من المراقبين أن الأمر يتعلق بتغيير جوهري في العقليات وفي الآداء، لكن بعض النوافذ التلفزية كتلك التي تطل منها الأحزاب السياسية هذه الأيام تدعو للتأسف على الآداء الإعلامي الهزيل لمؤسسة التلفزيون عندنا، التي تفشل دوما في استقطاب نسبة متواضعة من المشاهدين فمابالك بنسبة عريضة من الجمهور المهاجر نحو قنوات ”الجزيرة” و”العربية” و”نسمة” و”المغاربية” وحتى ”أم بي سي” أو ”كارتون نتويرك”· وعندما يفضل شبابنا مشاهدة برنامج”آراب إيدول” أو محبوب العرب الموسيقي على متابعة الخطاب السياسي للطبقة السياسية ونشرة الثامنة فهذا لا يعود إلى قصر في النظر أو نقص في الثقافة السياسية، بل لأن وعيه أكبر بكثير من وعي القائمين على ”اليتيمة”، فالشباب لا يريد أن يتابع هزالا سياسيا تسوّقه مؤسسة بصرية تفتقد لأدنى أدوات التواصل والخطاب الإعلامي الفعال، ومن غير المعقول أن يتابع هؤلاء برنامجا سياسيا تمارس فيه صاحبته التعنيف المباشر وغير المباشر بطريقة متحزبة مرة ومتحيّزة وفاضحة مرة أخرى· وإذا كانت سياسية الدولة والسلطة والحكومة والنظام وكل الأدوات الحاكمة والمشاركة في الحكم والمعارضة على حد سواء، تدعو إلى مشاركة قوية للناخبين في الاستحقاق القادم، فإن التلفزيون الجزائري هو المؤسسة الرسمية الوحيدة في البلد العاملة على توسيع قاعدة العزوف والمشاركة في الانتخابات القادمة بفعل سياسة الزفير والنفير والشهيق والنهيق الممارسة في العديد من البرامج والأخبار التي تعالج بطريقة جافة خالية من أي مقبلات إعلامية يمكن أن تفتح شهية الناس على طبق الانتخابات، فحق تسمية هذا الجهاز بتلفزيون المقاطعة الوطنية·