اختطف القنصل الجزائري بغاو شمال مالي رفقة ستة مساعدين له في ظل حالة الفوضى التي تعم المنطقة نتيجة بسط حركة الأزواد بمساعدة تنظيمات مسلحة أخرى، هيمنتها على شمال البلاد بعد أسابيع من القتال، وإثر ذلك تكفلت وزارة الخارجية بنقل عائلات الديبلوماسيين إلى الجزائر وشكلت خلية أزمة لمتابعة الوضع. بوعلام سايس القنصل الضحية في هذه الجريمة الجديدة لم تعرف حتى الآن الجهة التي اختطفته ولا الوجهة التي تم تهريبه إليها وفق بيان وزارة الخارجية الجزائرية الذي صدر ساعات قليلة بعد انتشار الخبر عبر وكالات الأنباء العالمية، وهو ما يطرح استفهامات عديدة حول خلفية الحادثة وحقيقة من يقف وراءها، إذ يبدو أن الجزائر ليست واثقة ربما من مسؤولية جماعة حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، التي ذكر شهود عيان حسب قنوات تلفزيونية أنهم لمحوا أفرادا منها في محيط القنصلية، بعدما استولوا عليها بطرد مسلحي الأزواد، ثم قاموا برفع العلم «الجهادي» في مكان العلم الجزائري. ذلك أنه منذ تسارعت الأحداث الأمنية الخطيرة على الجوار الجنوبي للجزائر بعد سيطرة ما تسمى بالحركة الوطنية لتحرير الأزواد على شمال مالي، تحولت المنطقة إلى بؤرة متوترة تتنازعها ثلاثة تنظيمات رئيسية، وهي حركة تحرير الأزواد، وحركة أنصار الدين التي يقودها عياد آغ غالي القنصل السابق لمالي بالمملكة العربية السعودية والتي تدعو لبناء إمارة إسلامية، إضافة إلى حركة التوحيد والجهاد التي تتشكل أساسا من عناصر مالية وموريتانية، وهما على صلة وثيقة بتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، وهو ما يثير تحديات أمنية كبيرة في دول المنطقة بحسب الخبراء المختصين، لاسيما بعد تمكن هذه الجماعات من تهريب كميات كبيرة من السلاح إثر سقوط نظام القذافي في ليبيا، وزاد تمرد الأزواد في شمال مالي والانقلاب العسكري في جنوبها الوضع تعقيدا. لم يمر نصف أسبوع على إعلان الجماعات المقاتلة في الشمال المالي عن الاستقلال حتى بدأ مسلسل آخر يصب في اتجاه تصفية الحسابات وتوظيف لعبة المساومة لمقايضة المواقف الإقليمية برأي المختصين، حيث راجت أولا أخبار عن اعتداء تكون الممثلية الديبلوماسية الجزائرية قد تعرضت له في غضون الأسبوع المنصرم، قبل أن تنفي الخارجية الجزائرية صحة الخبر،. الاختطاف اللغز يضعنا أمام مشهد معقد تتعدد فيه الجهات المحتملة في تنفيذ العملية بقدر تباين المصالح الإستراتيجية وتشابكها لدول عديدة في منطقة الساحل الإفريقي، وتذهب دوائر ثالثة بعيدا في ترجيح فرضية المؤامرة الواضحة التي تتعرض لها الجزائر من طرف القوى الكبرى بهدف فرض التدخل الأجنبي في المنطقة، الذي بقيت الجزائر طيلة السنوات الأخيرة حجر عثرة في طريقه منذ أن اقترح الأمريكيون إنشاء قاعدة أفريكوم.