تحول وادى الرغاية من نعمة إلى نقمة على سكان المنطقة، بعدما حولته المنطقة الصناعية إلى مصب للنفايات السامة، ناهيك عن قمامات السوق اليومي التي غزت ضفاف الوادي وسدت كل مجاريه، الأمر الذي يتسبب في كارثة بيئية وإنسانية ما لم تسارع السلطات المحلية وكذلك مديرية البيئة لولاية الجزائر في إعادة تنظيف وتهيئة وادى الرغاية قبل حلول فصل الشتاء المقبل. عبر العديد من سكان بلدية رغاية عن استيائهم الشديد من الوضعية الكارثية التي ألت إليها مياه واد رغاية بعد أن انسد مجرى المياه به ليتحول إلى مصب لركام من النفايات والفضلات الملوثة للمحيط والباعثة على الروائح الكريهة جالبة العديد من الحشرات المضرة التي تؤدي لأمراض خطيرة لدى السكان بعد غزوها سكناتهم بحي «مافال» على وجه الخصوص. سكان حي «مافال» : في قمة الغضب حسب الروايات التي سردها لنا بعض سكان «حي مافال» القدماء فإن منطقة الرغاية كانت تتمتع قبل سنوات السبعينيات بمناظر خلابة ومياه صافية تطبع وادي الرغاية الذي يصب في بحيرة رغاية المعلم السياحي المحمي من قبل منظمة (اليونيسكو) العالمية، وأفادنا أحد قدماء سكان رغاية بأنهم كانوا يشربون من مياه وادي رغاية ويسبحون فيه لما كان نظيفا حيث كانت تعيش فيه أسماك وكانوا يصطادونها في صغرهم إضافة إلى استعمال مياه وادي رغاية في عملية سقي الأراضي الفلاحية التي كانت تحيط بالوادي من كل جانب قبل أن تتحول بلدية رغاية نهاية السبعينيات إلى منطقة صناعية، مما أدى إلى تغيير وجهها الفلاحي بمساحاتها الخضراء التي اختفت وتحول معها وادي رغاية إلى مصب للمخلفات الصناعية الصادرة عن المصانع التي احتلت بلدية رغاية. وفي جولة استطلاعية قادت «البلاد» إلى واد بلدية رغاية حيث التقينا العديد من سكان حي «مافال» المحاذي لواد رغاية، الذين عبروا لنا عن استيائهم وتذمرهم الشديد من سكوت السلطات المحلية وانتهاجها أسلوب وضع الأصابع على الآذان تجاه المشكل الخطير الذي نقلوه إليهم والذي أصبح يهدد حياتهم منذ سنوات إثر الوضعية الكارثية والخطيرة التي آل إليها الوادي بعد فيضانه في العديد من المرات، إضافة إلى تلوث مياهه جراء تحوله إلى مصب لمخلفات المصانع السامة ونفاياتها الملوثة لمياه الوادي، وذلك لسهولة طريقة التخلص منها بمجرى الوادي حسب السكان عوض بناء المصانع قنوات صرف صحي خاصة بمخلفاتها من المياه السامة تجنبا لتكاليف إنشاء قنوات الصرف. كل هذا إضافة إلى ظهور عدة أحياء جديدة في السنوات الأخيرة محاذية للوادي خاصة البيوت القصديرية التي اتخذت من الوادي مصبا عشوائيا لرمي النفايات، وهو ما يقوم به تجار السوق اليومي المحاذي للوادى،، حيث يقوم التجار برمي كل قماماتهم بالوادي من أكياس بلاستيكية وكرتون بالواد كل مساء. وأشار زين العابدين أحد سكان حي «مافال» أنه: «تحدث 5 أو 6 حالات فيضان لوادي رغاية كل فصل شتاء ما ينذر بوقوع كارثة بعد ارتفاع منسوب مياهه إلى 3 أمتار وخروجها عن مجرى الوادي بحوالي 90 م نتيجة انسداد مجرى مياه الواد بمختلف النفايات والمخلفات الصناعية والتجارية. واعتبر المتحدث أنه كان يفترض على الجهات المعنية بلدية أو ولائية أن تقوم بتنظيف مياه الوادي كل سنة أو سنتين للمحافظة على البيئة من التلوث وحفظ صحة وحياة السكان بسلوك ثقافي نابع من شعور المصالح المعنية بمسؤوليتها تجاه مواطنيها عوض انتظار مسؤوليها خروج المواطنين إلى الشارع للحرق والتخريب حتى تتحرك وتقوم بالمهام الواجب عليها القيام بها، خصوصا أنه هناك ناحية من الواد قامت المصالح الولائية بتنظيفها من النفايات المتراكمة والمياه الملوثة مع إعادة تهيئة ضفتيه لأن سكان تلك المنطقة قاموا بعدة احتجاجات بالشارع. تساءل المتحدث بكل تحسر: «هل المطلوب منا اليوم القيام بنفس العمل، وهل هذا ما تنتظره السلطات المعنية حتى تحرك ساكنا وتقوم بتنظيف الواد الذي قد يتسبب في كارثة، وأين المشروع الذي تحدث عنه وتغنى به المسؤولون من تهيئة وتنظيف الوادي وتصفية مياهه على غرار واد بومرداس، لماذا نعاني كل هذا التهميش بمنطقتنا؟». السلطات المعنية غير واعية بحجم الكارثة رغم الاستغاثة أكد المتحدث توجه ممثلي حييهم إلى الوالي المكلف بدائرة الرويبة لإبلاغه بالحالة الكارثية لوادي رغاية ووضعيته الخطيرة المهددة لحياة سكان حي «مافال» بعد حدوث 6 فيضانات به هذه السنة، كما طالبوه بمرافقتهم لمعاينة الوادي ومواضع النقاط السوداء به، إلا أن هذا الأخير رفض مرافقتهم واكتفى بتسجيل ملاحظات عن وضعية الوادي المتدهورة حسب المتحدث الذي أضاف أنهم توجهوا قبلها إلى رئيس بلدية رغاية، إلا هذا أن الأخير رفض استقبالهم. كما قصد السكان مصالح الدرك الوطني لاطلاعهم على الوضعية الحرجة والكارثية للوادي والمهددة لصحة وحياة مئات العائلات، لكنهم بدورهم أيضا لم يحركوا ساكنا. وفي السياق ذاته أشار السكان إلى أنه أقيم جسر فوق وادي رغاية تمر السيارات من فوقه إلا أنهم قاموا بوضع دعائم إسمنتية للجسر تسد مياه الواد مما ينذر بوقوع كارثة حسبهم بفيضان مياه الوادي لو تساقطت كميات معتبرة من الأمطار ما يهدد حياة سائقي السيارات ومستعملي ذلك الجسر المهدد بالانهيار. وأضاف السكان أنهم حذروا كل السلطات المعنية من مغبة وقوع كارثة وسقوط ضحايا لكن هذه الأخيرة لم تأخذ تحذيراتهم على محمل الجد ولم تحرك ساكنا لحد الآن، لذا حمل سكان حي»مافال» المسؤولين المعنيين ببلديتهم مسؤولية إمكانية وقوع كارثة تؤدي بحياة المواطنين لو فاض وادي رغاية لأنهم حذروا السلطات المعنية قبل وقوع الكارثة وحصد أرواح الناس.