عرض المسرح الوطني الجزائري نهاية الأسبوع الماضي عملا مسرحيا كان بطله الحمار من اقتباس وإخراج بلقاسم عمار عن النص الأصلي "محاكمة حول ظل الحمار، وهي تمثيلية إذاعية للكاتب فريدريش دورين مات، هي كوميديا ذات فصلين صاغ السينوغرافيا فيها عبد الغني شنتوف بما يلائم محيط البطل المفترض وهو بالطبع الحمار، وعمل على الكوريغرافيا جيب عيشوش أما التأليف الموسيقي فكان ل "مكي يونس عبد الرحمان" وإن علا وغلب صوت الحمار في آخر العرض على الموسيقى، لقد تكرّر ذكر الحمار وظله لمآت المرات وقد عاش الجمهور في جو هذه حالته حتى عند ذكر الحمار مألوفا للسمع وللبصر، وهاهو مخرج العمل المسرحي بلقاسم غمار محمد يقترح أن يكون للحمار يوما عالميا يكرم فيه من المرتقب أن يعلن عنه وفقا للدستور الجديد في مدينة عين المكان، مذكرا إبان العرب كانت تسمي خادمها الصبور بالحمار فالحمار حسبه في اللغة العربية معناه الصبر على موضوع الدعوى وهو الحمار الذي بقي في دار القضاء، لقد كان عرض هذه الحكاية من قبل المخرج ذريعة للحديث عن الشعب وحياته اليومية وعن الحياة الزوجية والمحسوبية، فكل من طبيب الإنسان وصاحب الحمار بحث له عن معارف يتوسطوا لدى القاضي حتى يربح القضية، وهكذا مرّت أطوار المسرحية في تعارك وتجاذب وكانت العدالة كما قالت الراوية في المسرحية نضال العدل عدلان والزمان زمانان، والميزان كفتان، ولا عدل في هذه المدينة، كما كانت هناك لازمة تتكرر في كل مشهد يقرأها الكوريغرافيون وهم يغيرون قطع الديكور وفقا للمشاهد، تقول اللازمة "شكون إلي عنده الحق، كلمة الحق ما تحلق" كما انتهت المسرحية بأصوات متنوعة لنهيق الحمار وتساؤل مفاده من هو الحمار وراء هذه المسألة كلها في هذه المدينة، مما يفهم منه أن الحمار يبقى رمزا للغباء رغم اقتراح المخرج أن يكون له يوما، تروي المسرحية وهي قصته من نسج الخيال حكاية طبيب للاسنان في الزمن المفترض وضمن جولاته المعتادة اضطر إلى استئجار حمار آخر من تاجر الحمير، نظرا لإصابة حماره بوعكة صحية ألزمته الاصطبل، والغاية المقصودة هذه المريض مريض في المدينة المجاورة، وصادف إذ كان ذلك اليوم حارا جدا حيث لم يقدر الطبيب على تحمله فأخذ يبحث عن مكان ليستظل تحته فلم يجد أثرا لشجر على طول المروج التي امتدت أمامه، وبعد الجهد والإعياء قرّر النزول من على ظهر الحمار والاستراحة في ظلة وهذا بالطبع لم يعجب الحمار وصاحبه فطلب منه إذ ينهض فورا ويكمل رحلته أو أن يدفع ثمنا إضافيا مقابل جلوسه في الظل غير أن الطبيب رفض دفع ثمن إضافي مستغربا هذا المنطلق الأعوج فلقد دفع أجر كراء الحمار وظل الحمار ملازم لصاحبه فاحتدم الصراع والجدل بينهما حتى كاد يصبح عراكا بالأيدي واتفقا أخيرا على العودة للمدينة وعرض المشكلة أمام القاضي، وصل الاثنان رفقة الحمار إلى القاضي، وهنا بدأ الجزء الثاني من المسرحية فتم الاستماع إلى الداعي عليه وتم الحجز