عرفت أحياء وأسواق ولاية تيزي وزو في الأسبوع الأول من رمضان الكريم شجارات يومية لأتفه الأسباب، وتحولت الأسواق والمخابز إلى حلبات صراع بين الباعة والزبائن، يتخاصمون ويتبادلون عبارات شتم ضاربين عرض الحائط حرمة الشهر العظيم، متناسين أن الصيام هو صيام عن كل المحرمات وكل ما يغضب الله وليس عن الطعام فقط. تجولت الجزائر الجديدة بعدد من المدن الحضرية بتيزي وز وواخترنا سوق الخضر والفواكه المشهور ببلدية تيقزيرت، اين لفت انتباهنا النرفزة والعصبية الشديدة بين البائعين والمشترين، ليتحول الأمر من مجرد سوء تفاهم بسيط إلى عراك وتشابك بالأيدي. وما يشد الانتباه كذلك أنه قبيل الإفطار وبساعات قليلة تنتشر مناوشات وشجارات بين مواطنين بحجة الصيام وتعبه، خاصة المدخنين من الرجال، وهذا ما تؤكده حادثة جرت مؤخرا بمحطة المسافرين بذات المدينة، وقعت الحادثة بين شخصين نشبت بينهما شرارة بسبب مكان لركن حافلة ليتحول الأمر بعد ذلك إلى صراع عنيف بالأيدي ما استدعى تدخل قوات الأمن لفك النزاع. والمعروف عن نساء سكان ولاية تيزي وزو أنهن الأكثر رزانة وتحكم في الأعصاب إلا انه خلال الشهر الفضيل أصبحت الكثير من النساء سببا في نشوب مناوشات ونزاعات في الأسواق ومحطات النقل الحضري وأماكن العمل وغيرها، قد تصل أحيانا للتشابك بالأيدي وشد الشعر والتلفظ بعبارات بذيئة، وهي تصرفات لا تمت للأنوثة بصلة ومثل هذه التصرفات تشوه صورة المرأة القبائلية. وقال لنا احد المواطنين عن صراع نشب بين شابتين في العشرينيات من عمرهما في أحد المراكز التجارية "لاتور" بتيزي وزو، وجاء على لسانه أن الصراع بدأ بمشادة كلامية ليتفاقم الامر الى ان وصل للتشابك بالأيدي حتى تدخل بعض الرجال لفك النزاع. ويستخدم المواطنون بعض العبارات للدلالة على حالة الغضب والنرفزة التي تسيطر عليهم خلال فترة الصيام على غرار "اخطيوني وإلا نفطر عليكم، وجملة ‘'راه غالبني رمضان'' وكأن شهر رمضان هو شهر للتخاصم وليس شهر رحمة ومغفرة وتوبة. فبمجرد حديثك مع شخص ولو بالمزاح تجده يقول "راني صايم اخطيني" وكأنه هو الوحيد الذي يصوم. أطباء ونفسانيون ينفون صلة الصيام بسلوكيات الفرد أكد كثير من أطباء ونفسانيين بمستشفى محمد النذير بتيزي وزو أن الصوم ليس له تأثير سلبي على انفعالات الصائمين، ونفوا وجود علاقة بين الصوم وزيادة نسبة المشاجرات في رمضان بين الناس، خاصة وقت الإفطار، وإنما يعود ذلك إلى المدمنين على أنواع التبغ من الشمة والسيجارة، إلى الازدحام في العديد من المناطق، بل العكس خلو المعدة من الطعام طوال فترة الصوم تنظيم لعملية الهضم ويعود بالنفع على الحالة النفسية، والصوم فرصة عظيمة لترشيد الانفعالات وتصحيح مسارها وإعادة توجيه السلوك على النحو المطلوب. ويشير هؤلاء إلى أن مصدر الخلل الانفعالي يأتي نتيجة العديد من التغييرات الفسيولوجية والناتجة عن تغيير وقت الوجبات اليومية وكسر عادة التدخين التي استقرت على مدى الأشهر السابقة لشهر رمضان الكريم فالجسم يفرز هرمونات الهضم على جدار المعدة في أوقات الأكل المعتادة وفي الصيام تتغير مواعيد الأكل فيتغير معها إفراز تلك الهرمونات ويتأقلم معها الجهاز العصبي بعد حوالي ثلاثة أيام من الشهر. وفيما يخص المدخنين فإن جسم المدخن يفقد احتياجاته من كمية النيكوتين في نهار رمضان مما يسبب له سهولة في الاستجابة للانفعالات التي قد تصل به لحالة الفوران الانفعالي عند الاحتكاك بما يثير تلك الانفعالات.