رغم أن شهر رمضان المبارك يُعد فرصة كبيرة للتواد والتراحم وإظهار قيم التسامح والمحبة بين المجتمع كما يراه الكثيرون، غير أن البعض لا يعرف من الشهر الكريم سوى التفكير بأشهى أصناف الأكل على الإفطار وملء البطون، والبعض الآخر لا تنهه قدسية الشهر عن الشجار والتلفظ بالكلام البذيء، وككل سنة تعودنا على طرح موضوع الشجارات والخصومات التي تطبع يوميات الجزائريين خلال شهر رمضان من كل سنة، حيث باتت المناوشات الكلامية والجسدية جزءا لا يتجزأ من يوميات الصائم. حسيبة موزاوي لا يكاد يمر اليوم الأول من الشهر الفضيل دون مشاهد الشجار في الشارع والأماكن العامة وحتى في العمل، لتشتعل شرارة الغضب بسب أو بدونه وربما لأتفه الأسباب ليبررها الجزائريون على أن الصوم يفعل فعلته بالصائم مرددين الجملة الشهيرة (غلبو رمضان)، سببها الرئيسي هي النرفزة المفرطة التي تسيطر على نفوس بعض المواطنين متحججين بمقولة (راني صايم). والأسواق الشعبية من بين الأماكن التي يكثر فيها الازدحام، والذي يولد بطبيعة الحال نرفزة مفرطة لدى المواطنين خاصة فئة الشباب، حيث بمجرد دخولك الأسواق والأماكن العمومية تلمح شجارات تصل في أغلب الأحيان لغاية التشابك بالأيدي، وهو ما حدث في اليوم الأول من رمضان على مستوى السوق البلدي للرغاية، حيث حدثت مناوشات مابين الباعة بسبب تافه وهو وضع أحدهم سلعته أمام طاولة الآخر، حيث حدثت مناوشات بدايتها كانت بتلفظ كلام فاحش متناسين احترام حرمة الشهر الكريم، وتطورت إلى اشتباكات بالأيدي استدعى تدخل بعض المواطنين. ويرى جميع من سألتهم (أخبار اليوم) أن المشاجرات والملاسنات أصبحت أمرا عاديا خلال شهر رمضان، خاصة بالأماكن التي تشهد ازدحاما كالأسواق الشعبية، وزحمة الطرقات، وأغلب الشجارات تقع بين المدخنين، ولكن ليس بسبب افتقاد السيجارة، بل بسبب نقص النوم، حيث يتقلص عدد ساعات النوم خلال شهر رمضان، خاصة للموظفين والعمال الذين يضطرون إلى السهر لساعات متأخرة ثم يعودون لأعمالهم في الصباح الباكر، حيث يقل تركيز الشخص الذي يعاني من نقص في النوم والراحة. شباب يفضلون النوم تفاديا للشجار والنرفزة يلجأ بعض الشباب للنوم طيلة اليوم تفاديا للاحتكاك بالمواطنين والنقاش والمجادلة مع أي أحد، لأن الشاب الجزائري بطبعه يمتاز بسرعة النرفزة، ويعد النوم لدى العديد من الشباب وسيلة لاجتناب عدة أشياء سلبية قد تقع لهم، وحسبهم فإن النوم يقيهم من التعب والعطش اللذين ينتجان عن الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة التي يشهدها رمضان الذي تزامن مع فصل الصيف، حيث يكثر العطش والإرهاق عند الصائم، مما جعل الكثير وخاصة الشباب يلجأون إلى النوم طيلة النهار من قبيل الإمساك وإلى وقت الإفطار بقليل، قالبين بذلك نهارهم إلى ليل وليلهم إلى نهار، خاصة وأن رمضان هذه السنة تصادف مع عطل الكثيرين الذين تعمدوا أن يجعلوها تتزامن مع شهر الصيام الذي يعد للكثيرين شهرا للنوم وللكسل يتوقف فيه كل شيء وتؤجل فيه كل الأعمال إلى ما بعد العيد، فالمتجول في الشوارع في النهار يجدها شبه خالية هذا ما قاله محمد، وهو صاحب محل لبيع الهواتف النقالة، حيث بمجرد غلقه للمحل يتجه للبيت من أجل النوم، تفاديا لأي احتكاك مع الآخرين، خاصة وأنه مدمن على شرب القهوة وتدخين السجائر. أزواج يصبون غضبهم على زوجاتهم في شهر رمضان كثيرا ما تحدث أمور لم تكن في الحسبان تقلب موازين الأسرة، وتضرب باستقرارها لأتفه الأسباب، حيث كاد زوج خلال الأيام الأولى من هذا الشهر الفضيل أن يطلق زوجته، بعدما حدثت مناوشات بينهما حول مصروف البيت، ولولا تدخل أطراف العائلة لتشتت الأسرة. فيما أرجع أغلب من تحدثنا إليهم أن سبب وقوع الشجارات يعود للنرفزة الزائدة، خاصة عند المدخنين، الذين يعانون من حالة توتر وعصبية مفرطة طول فترة الصيام، تزداد حدتها قبل الإفطار، وهو ما يدفعهم إلى الشجار مع المحيطين بهم في العمل والشارع أو المنزل، حيث يصبحون في عجلة وفوضى خاصة قبل الإفطار بساعة أو ساعتين، الكل يحاول أن يصل إلى مقصده قبل الآخر، مخافة أن يرفع آذان المغرب وهو في الطريق، رغم أن شهر رمضان هو شهر الصيام عن المنكرات، غير أن الجميع يفقدون أعصابهم ويتوترون لأتفه الأسباب. و يرى (سمير. ج)، موظف بإحدى المؤسسات الخاصة أن النرفزة والشجار خلال شهر رمضان تحوّل لظاهرة اجتماعية تحدث بصفة دائمة، كما أنها شملت جميع الشرائح بما فيهم النساء اللواتي أصبحن يتشاجرن في الشارع دون أي حياء ولأتفه الأسباب، حيث صرّح لنا محدثنا أنه حضر العديد من المواقف لنساء تشاجرن في أماكن مختلفة وصل الأمر بهن لحد الشد من الشعر والتلفظ بالشتائم والسب، كما حدث مؤخرا مع فتاة في مقتبل العمر مع عجوز وذلك بإحدى حافلات النقل في اليوم الأول لرمضان، حيث دخلتا في شجار حاد تسبب في إزعاج كل الركاب بما فيهم محدثنا، كما أرجع جل الشجارات التي تحدث في الطرق والأسواق والأماكن العمومية ما بين أغلب الشباب لفقدانهم للقهوة والشاي طيلة يوم كامل من الصيام، ما يؤدي إلى فقدان التركيز، خاصة بالنسبة للمدخنين والمدمنين على تناول المخدرات والمشروبات الكحولية الذين يجدون صعوبة كبيرة في أداء فريضة الصيام مقارنة مع الأشخاص العاديين، وإذا كان الكثيرون يقضون أيام رمضان في النوم أو في مشاهدة التلفاز فهناك من يقضيه في الذكر والصلاة والدعاء، لذا يجب على المؤمن أن يستغل كل لحظة من الشهر الكريم في تلاوة وختم القرآن الكريم، والإكثار من أداء العبادات في شهر يعد شهر التوبة والغفران.