*- تسعى لأن يكون فنها تربويا يخدم كل القيم الإنسانية العالمية *- لوحاتها ألغاز تربوية تربط فيها بين الحرف واللون قدمت الشاعرة والفنانة التشكيلية صليحة خليفي، تزامنا مع معرضها الأخير المقام بالمركز الثقافي الإسلامي علي بومنجل، المنظم بمناسبة يوم العلم والذي يستمر لعشرة أيام، محاضرة بعنوان "الخط اللهيبي والقيم الإنسانية العالمية" حضرتها مجموعة معتبرة من الأساتذة والشعراء المهتمين بالشأن الثقافي، بالإضافة إلى طلبة ثانوية فرانس فانون، في هذه الفترة التي يشهد فضاء المركز العريق حركة ثقافية واعدة، مع عديد المحاضرات واللقاءات المبرمجة على مدار الأسبوع، وحسن استقبال طاقم المركز من منظمين ومنشطين. سبق لخليفي أن عرضت في بلدان عديدة في فرنسا وكندا وأخرها كان في اسبانيا. صارت خليفي تعرف لدى الجميع بصاحبة الحرف اللهيبي، والذي –حسبها- يرمز إلى معاناة العصر، ه خط لهيبي غير حارق تنتهي حروفه بالسنة نارية، هي نار معنوية تؤكد الفنانة. وتعود بها الذاكرة إلى حرب التحرير المباركة 1954 وهي لا تزال طفلة وكيف كانت عائلتها تعاني من المداهمات المتكررة، واقتياد والدها وعمها، وكتب الأب الإمام الفقيه التي حرقت عن آخرها، وكيف بقيت تلك الشرارات عالقة في مخيلتها ووجدانها فراحت تنفث تلك النار على الأوراق، للتخلص منها، مما جعلها تضع الخطين اللهيبيين العربي والفرنسي. يضم المعرض 28 لوحة كلها أية في الجمال، تحتدي بالقيم التي يرنو إليها كل إنسان صاحب ذوق سليم. وتضع الفنانة لكل لوحة ترسمها عن قيمة إنسانية بعينها لغزا، تربط بين الرسم واللون، حتى يكتشفها الناظر والقارئ. فعن لوحة القرآن تقول "إذا فهمناه أنارنا وإذا عملنا به أفادنا وإذا استمسكنا به صاننا"، أما عن الحوار تقول "هو يدفع إلى البحث والتفكير والتحليل والاكتشاف، يقود إلى استنباط الحقائق وتطبيقها بالقناعة والاعتراف"، وعن لوحة التفاهم تقول "به تحل أصعب المشكلات به تفك أشد المعضلات وبه تحقق المعجزات" وعن العمل "به يكتسب العيش ولولاه ما حمل نظام، هو عبادة، وبدونه ما استقام فهم ولا إفهام"، أما النجاح "هو ثمن الجد والكد في العمل "، لوحة الكفاءة "منبعها من حسن الذكاء، تجعلك بارعا ومسموعا ونافعا بعملك مرفوعا"، والفصاحة "صاحبها إذا سئل أجاب وإذا أجاب أصاب"، وعن الحنان "به لا تشعر بالأرق ولا تحس بالوحدة، به تنعم بحياة أحلى من عسل الشهد ومن دونه تغيب السعادة وتنهار الحياة الرغدة". تقول خليفي في محاضرتها أن اختلاف الشعوب والتقاليد والعادات والأديان هو من أجل الحوار لا غير، ومن أجل التفاهم والتعاون ورغبة في العيش أحرار وسعداء، كل شعب في وطنه تحت ظل علمه، ولا يمكن لشعوب العالم أن تعرف الاستقرار بعيدا عن القيم الإنسانية العالمية التي أوصت الأديان السماوية بها. ونظرا لما يدور حول الفنانة من منكرات أرادت أن يكون فنها تربويا يخدم كل القيم الإنسانية العالمية فكتبت ألغازا تربوية ورسمت مفاتيحها مع اللوحات لتربط بين الحرف واللون، بين الملاحظة والتفكير، لتثبيت القيم الإنسانية التي لاحظت مع الوقت تلاشيها لدى بعض المجتمعات الإنسانية، والهدف كامن في استرجاع هذه القيم لإعادة الأمل وتنشيط الحياة وتحسين السلوك، حتى يعود الإنسان إنسانا، فيتقن عمله وليس للارتزاق فقط و إنما خدمة للمجتمع تؤدى بأمانة وإخلاص تعود بالازدهار والرقي على المجتمع الذي ينتمي إليه. ترى خليفي أن الخطين اللهيبيين الذين ابتكرتهما في سنة 1987 يرمزان إلى النار المعنوية التي يعاني منها إنسان العصر عبر العالم جراء الحروب، الخلافات بين الشعوب، وأحيانا الخلافات بين أفراد الشعب الواحد الناتجة عن فقدان القيم الإنسانية المؤدية إلى الفقر والتأخر والهلاك. ويبقى الحلم الذي يراودها من خلال أعمالها أن ترى كل شعوب العالم سعيدة، مستقرة، حرة وراقية، وترنو إلى التعاون التضامن وتحطيم كل أسوار الخلافات مستلهمة كل ذلك من الآية الكريمة "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم". فلا بد حسب الفنانة للبشرية أن تتفطن قبل فوات الأوان لاسترجاع كامل القيم باستبدال الضعف بالقوة والذل بالعزة والتفرقة بالألفة والوحدة والجبن بالشجاعة والبغض بالمحبة ونكث العهد بالوفاء والعداوة بالتسامح والجهل بالعلم. للتذكير، صليحة خليفي من مواليد 1952 ببجاية، متزوجة أم لشابين شاعرة وفنانة تشكيلية، عضو في الإتحاد الوطني للفنون الثقافية منذ سنة 1987، وبالديوان الوطني لحقوق المؤلف منذ سنة 1989، عضو بمؤسسة أحمد ورابح عسلة منذ سنة 2000، وباتحاد الكتاب منذ سنة 2002، عضو في مؤسسة مفدي زكريا منذ سنة 2004، عضو المجلس الإداري بالديوان الوطني لحقوق المؤلفين منذ سنة 2004، عضو المجلس الوطني للموسيقى منذ سنة 2005، تكونت بدار المعلمات ببن عكنون ما بين 1966 و1970، لها عدة شهادات، الأهلية، وشهادة الثقافة العامة بالفرنسية شهادة التدريس باللغة العربية .في 1970، شهادة الثقافة العامة بالعربية 1971، شهادة معادلة للسنة الأولى والثاني جامعي، إنتداب ببن عكنون من أجل نيل شهادة أستاذة الفن التشكيلي، ديبلوم أستاذة الفن البلاستيكي من أجل التعليم في المتوسط والثانوي، في رصيدها العديد من المعارض الفردية والجماعية.