وقد تمت عنونته ب«صوت النجوم سامي الجزائري" وهو بالفرنسية. تسعى دار الهدى التي نشأت منذ 50 سنة للحفاظ على الذاكرة و السعي لبقاء التراث وديمومته، وفي رصيدها "كتالوغا" ثريا ومتنوعا يظم زهاء ألف عنوان.فبعد تكريم رويشد في السنة الماضية وإصدار كتاب يتناول حياته عنوانه "رويشد والدي وصديقي" من وضع ابنه مصطفى عياد، تكرس هذه السنة وتخرج كتابا حول سامي الجزائري أو علي كانوني وهو اسمه الحقيقي، ليكون في جناحها بالصالون ال23 الدولي للكتاب بالجزائر.يقع الكتاب الذي يروي سيرة ومسار الفنان الراحل سامي الجزائري في 187 صفحة وهو من الشكل الجميل. وتصدر الكتاب مقطوعة شعرية لناظم حكمت "لا شيء في هذا العالم، شربته أو اكلته في كل البلدان التي زرتها، وكل ما لمسته أو فهمته، لا شيء لم يجعلني سعيدا مثل الأغاني". كما كتب محمد عطاف كلمة في مستهل مؤلفه كذكرى لصديقه علي كانوني أو سامي الجزائري عدد فيها مزيا وصفات وجمال صوت الراحل الذي كانت تشدو المحبة وتزرع الفرح لدى الجميع، الصوت الذي كان يستمد طاقاته من أنوار النجوم، وقوة موهبته وتعدد محبيه عبر الأجيال ليقول له بأنه لا يزال حيا في القلوب في عائلته وجيرانه وأصدقائه، في وجدان "بنات الجزائر"، وأهل تيزي وزو، وفي منطقة القبائل وفي بلده الجزائر الخالدة.يستعرض الكتاب مسار الفنان وطفولته في الأربعينات ووضعية البلاد وقتها عقب أحداث ماي 1945 ، فسامي من مواليد 6 سبتمبر 1945 في "تاب نايليت" وهو حي بأعالى تيزي وزو التي كانت تسمى الدشرة من قبل اهل المنطقة "تادرت" بالقبائلية، وينحدر والداه من دشرة "آيت بو يحي" التابعة لبلدية بني دوالة، ويتحدث الكاتب عن الظروف المعيشية وقتها والفقر بسبب الحرب الكونية الثانية وما انجر عنها ومعاناة الجوع، غياب الضروريات مما جعل العائلة تغير مسكنها إلى دشرة الاهالي وما ترتب عنها من تعاون وتضامن اهل المنطقة ولا تزال دارهم القديمة الى حد اليوم في هذه الدشرة. ثم يتحدث عن دخوله المدرسة الابتدائية التي انشأت في 1928 والتي كانت تستقبل أبناء الاهالي لتيزي وزو من مداشر، رجاونة، حسناوة، وبوهينون هذه المدرسة التي لم تكن تتوفر على مطعم وكانت الاقسام مكتظة لاكثر من 60 تلميذا، في الوقت الذي كان فيه أبناء المعمرين في القرية الاوروبية يدرسون في مدرسة تسمى "مدرسة قمبيطا" التي كانت تتوفر على كل الظروف ووسائل الراحة الضرورية والتي كانت تسمى المدرسة السفلى لانها كانت في اسفل القرية.يروي المؤلف تفاصيل عن حياة سامي الجزائري في صباه وعن عائلته ومحيطه، وعن حبه للطبيعة وخروجه للغابة رفقة الاصدقاء واستمتاعه بأصوات الطيور والحيوانات وولعه بموسيقى الطبيعة منذ الصبا. ونظرا لضيق الحال كان الطفل علي يعمل أعمالا كثيرة كبائع للسمك أو مساعد نجار، دهان ليعمل بعدها في عيادة طبية ثم مساعد طبيب بعد اجرائه لتربص في الهلال الأحمر الجزائري كمضمد، كل هذا من أجل مساعدة عائلته. ورغم ذلك شارك في المخيمات الصيفية في "كاب جنات" وبجاية كمنشط نتيجة جديته. بعد وفاة والده في 1962، التحق في 1963 بشيبيبة جبهة التحرير الوطني وهنا بدأت فعليا رحلته مع الفن حيث كان الفضاء يسمح باجراء التمرينات رفقة أصدقائه من ابناء جيله. ونظرا لحبه وولعه بمحمد العماري كان يردد اغانيه وأغاني سليم هلال، سامي المغربي سلفادور أدامو، وليلي بوليش وغيرهم وبدأت الفرقة تحي الحفلات المحلية وسهرات رمضان المعظم، والحفلات المخلدة لتواريخ الثورة المجيدة في كل بلديات تيزي وزو برج منايل الاخضرية والبويرة. ويعود الفضل لولوجه عالم الغناء الى حداد الجيلالي الذي استمع اليه والى فرقته بالصدفة في تيزي وزو، وطلب منه الاعتناء بصوته وتنبأ له بمستقبل زاهر. الكتاب حافل بالكثير من الاخبار التي تتبع حياة سامي الجزائري حين انتقاله الى العاصمة ثم الى فرنسا، وإصداره لأول اسطوانة تظم اغنيتين. ثم التقائه في المهجر مع دحمان الحراشي، أكلي يحياتن، صلح سعداوي، يوسف عبجاوي وعبد الوهاب الدكالي الذي ربطته به صداقة وطيدة. اتخذ علي كانون اسمه الفني "سامي" ليضيف له الجزائري حتى لا يقع الخلط بيه وبين سامي المغربي. ويضم القسم الثاني من الكتاب أشهر نصوص أغانيه التي غناها سامي الجزائري بالقبائلية مثل "ابريديو" طريقي نحو الجبال، "نسمحاك" أو سامحناك، "يليس ان تيزي وزو" وبالعربية "يا بنات الجزائر"، "يا رادية"، "الرحلة" وغيرها وهو المعرف عنه اعتناءه بالأغنية العصرية. محمد عطاف هو كاتب وروائي لديه "شجرة الحظ" صدرت في 2006، و«صمت الجدران" مجموعة قصصية في 2007، "القديسة" رواية في 2010، "زهور روحي" مجموعة شعرية، "أغاني الألم والغضب" وهي يوميات للكاتب في 2013، و«تيزي وزو عبر الأزمنة" وهي في التراث في سنة 2014. يشار إلى ان دار الهدى للطباعة والنشروالتوزيع قد نظمت ندوة صحفية بنادي "امحمد بن قطاف" في المسرح الوطني الجزائري، وذلك لتقديم الكتابين الجديدين المذكورين "حكايات كتابي" من وضع الممثلة بهية راشدي، عثمان أوجيت، والثاني من تأليف الكاتب محمد عطاف وقد تمت عنونته ب«صوت النجوم سامي الجزائري"، جرى اللقاء بحضور مدير الدار إضافة إلى المكلف بالإعلام بذات الدار.