لا يخفى على أحد الدور الكبير الذي صار تلعبه الشبكات الاجتماعية كوسائل تواصل في الترويج لكل ما يَرغب في الترويج له من سلع بالمعنى المادي أو المعنوي ، و لا يستثنى من هذه " السلعة " الترويج للبرامج الانتخابية ، فيسبوك و تويتر و هاشتاغ على وجه الخصوص صارت لهما مكانة متعاظمة و باتا يحظيان بموقع متميّز ضمن الشبكة العنكبوتية و قد أبانت الانتخابات الأمريكية عن هذا الدور الريادي للعالم الافتراضي الذي تحدّى الواقع و غطى عليه ، ففي مدينة أوستبن عاصمة تكساس تابع كل السكان في كل أرجاء المدينة ( شوارع ، وسائل نقل ، مطاعم ، دور سينما ، ميادين غولف ، مؤسسات ، شركات ، جامعات ... ) في الساعة و الدقائق نفسها تفاصيل الحملة الانتخابية و إعلان النتيجة بالأرقام ، و هو ما يعكس التأثير الكبير في إعلام المواطنين بأدق الجزئيات حول العملية و ما يعكس أيضا اهتمام المواطنين بالانتخابات خاصة الأخيرة حيث احتدم التنافس بين المرشحين ترامب و هيلاري كلينتون . لقد صار العالم الافتراضي يزيح وسائل الإعلام المرئية و الصوتية و المكتوبة بنعومة فائقة للغاية و بطريقة ذكية تساهم فيها هذه الوسائل الإعلامية ذاتها. و بات العالم الافتراضي أيضا العنوان الأول التشاركي في تقاسم الأخبار و تدويلها فالمعلومة في وسائل التواصل الاجتماعي الأمريكية لا تنتظر أكثر من أثنين ملِّي ثانية لخروجها إلى العالم و هذه خبطة كبرى في عالم التكنولوجيا ، هذه التكنولوجيا و بالأحرى الشبكة الزرقاء قد غيّرت كيفية وضع إستراتيجية الحملات والتواصل مع الناخبين جذريا بل و في الولاياتالمتحدة صارت وسائل الإعلام الكبيرة التي تحوز هي أيضا على شبكتها العنكبوتية تستقي أخبارها من مواقع التواصل الاجتماعي و تحقق فيها خلال الاستحقاق الرئاسي الماضي . و على سبيل المثال – و رغم أن المرشح الجمهوري دونالد ترامب قد أعدّ عدة و تعدادا ماديا و بشريا للحملة الانتخابية و جال جهازه الترويجي في كل ربوع أمريكا – فإنّ آخر و أهم المعلومات كان الجميع يستقيها من صفحته على تويتر و التي كان يحررها هو نفسه و يضع لمساتها الأخيرة بعد تدخل فريقه الإعلامي . لقد علّق المحللون و المتابعون لشأن الاستحقاق الأمريكي بأّن الإنترنت آلية لا مناص عنهاً للبقاء على تواصل مع الأخبار فقد بات لكل شخص منبرٌ يعبر من خلاله و هذا ما يسمى في العالم الافتراضي ب " المواطن المراسل " و يستغرق الأمر جزءًا من الثانية حتى يصبح موضوع ما على طبق المتلقي ، وقد اتجه جميع المرشحين للرئاسة نحو تويتر في الدورة الانتخابية بسبب اتهامات بتغيير المواقف حول مختلف القضايا. ونتيجة لذلك ، ربما يقضي مرشح ما الدورة الجديدة التالية في تبرير موقفه أو سحب بيان خوفًا من تحوّل الأصوات ، و تكون السرعة فائقة لدى المرشح من أجل تدارك الوضع بما تمنحه و توفره الهواتف و الألواح الذكية التي كانت دوما في جيوبهم من جون مايكن إلى أوباما فميت رومني ثم ترامب و هيلاري كلينتون . و لا ننسى أيضا أنّ للموضوع إيجابيات و سلبيات فلعل البعض لا يزال يتذكر الاتهام الكبير الذي وُجِّه لشركة فيسبوك بعد الانتخابات الأمريكية بترويج أخبار زائفة و التي ساهمت حسب عديد المحللين في فوز ترامب و نفت شركة فيسبوك الأمر و نشرت أدوات تساعد على الابلاغ عن الأخبار الكاذبة و منع ترويجها . و لمَن يتذكر فقد كان إعلان فوز براك أوباما لعهدة ثانية من فيسبوك الذي سبق كل وسائل الإعلام التقليدية و تابع المهتمون حتى الأرقام ّأيضا من هذا الموقع... و أيضا كان سقوط هيلاري كلينتون . يقول علماء شبكات التواصل أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت من بين أسباب اخفاق مرشحة الديمقراطيين فقد اتهمت بسوء استعمال «ماسنجر الياهو» و من الياهو جاءت أيضا فضيحتها الكبري سويعات قبيل بدء الاقتراع عندما تمّ اكتشاف استعمالها لهذه الوسيلة لطلب تمويل الحملة فكانت بمثابة الضربة القاضية .