الحديث عن الانتخابات الأمريكية يسترعي التعريج على تأثير الإعلام فيها فهذا الأخير يرسم بشكل لافت معالم اتخاذ القرار و يصنع السياسة و بالتالي الراغب في الوصول إلى البيت الدائري يبد من الولاء للإعلام ، و ما أكثر وسائل الإعلام في الولاياتالمتحدة و كلها مؤثرة لأن المال يحقق لها الأريحية من أجل أن تؤدي الرسالة مهما كانت هذه الرسالة فإما لترفع أخدهم أو لتطرحه أرضا و عليه الكل يركع أمام صاحبة الجلالة حتى و لو كان يملك بدوره وسائل اعلام لأن في الأخير لا يملكها جميعها ، و مالا يملكها أيضا مؤثرة و تتبع لوبيات . جماعات الضغط التي تملك المال توجه الاعلام نحو نهج السياسية ، هذا الاعلام الذي لا يحيد عن الرسالة التي جيء به من أجلها و هو الأداة الطيّعة قي يد جماعات الضغط و على رأسها اللوبي الصهيوني . و على سبيل المثال لماذا تشكل دولة الكيان الصهيوني عنوانا بارزا ضمن عناوين الحملات الانتخابية للمترشحين في السباق نحو البيت أبيض ؟ و رغم المجادلة الكبيرة التي جمعت نرامب و هيلاري كلينتون و رغم اختلافهما في كل شيء فالجامع : أمن اسرائيل و أعابت كلينتون على ترامب عدم حديثه عن أمن اسرائيل رغم قوله أنّ ضرورة وجود دولة يهودية في اسرائيل مشروع تاريخيا . الصحافة تكب في الكونغرس و الكونغرس مخول له قبول أو رفض خطط الرئيس و يطالبه بتخصيص مساعدات مالية و اللوجستية لتل أبيب و الكونغرس في يد اللوبي و الصحافة في يد اللوبي أيضا . مخابر القرار و تظل وسائل الإعلام باختلاف مشاربها الصانع الأول للرأي العام داخل الولاياتالمتحدة في الانتخابات و في غيرها و يكفي أن نعلم أنّ 100 من رجال الأعمال و الأثرياء يمولون وسائل الإعلام التي رافقت الانتخابات التمهيدية. ولا يمكن في الحالة الأمريكية التغاضي عن دور الإعلام الذي يعتبر ديناصور اللعبة الديمقراطية و على أساسه ترتسم معالم الانتخابات و سيرها و تسييرها و الفصل فيها و حمل الأكثر حظا إلى الحكم . وسائل الإعلام تفتح للمترشحين امكانية التواصل مع الناخبين عبر التلفزيون و الإذاعة و الصحافة الالكترونية و بوابات الإشهار و شبكات التواصل عبر الشبكة الزرقاء و الجميع تكون استوقفته خطة مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون التي شغّلت بريدا الكترونيا غير بريدها العادي من أجل طلب المساعدة و الاستدانة لتموّل حملتها الدعائية . و يأخذ مركز تحليل المعطيات في نيويورك على عاتقه دراسة كل شاردة و واردة في عمل المرشحين و علاقتهم بالإعلام و المال من أجل اطلاع الرأي في الولاياتالمتحدة . و لا أحد من المرشحَين الاثنين اللذين أفرزتهما الانتخابات التمهيدية يغفل مثلا الإعلام في العالم الافتراضي من خلال تكثيف الدعاية في وسائل التواصل الاجتماعي التي صارت لا تقل أهمية عن باقي أنواع الصحافة ، ما يكشف عن فاعلية دورها في التأثير على هوية المرشح الذي رُجحت له الكفة ، إذ أن المرشحين الخمسة الكبار قبل تصفيتهم هم الحائزون على أكبر عدد من المتابعين على التداول المصغر ( تويتر ) فقد حصد ترامب 5.9 مليون شخص وكلينتون 5.2 مليون شخص ، في حين تابع كروز 800 ألف شخص ، و روبيو أكثر قليلا من مليون شخص، وبلغ متابعو ساندرز 1.2 مليون شخص. و في دولة تقول أنها لا تزال تجاري الديمقراطية و تنشد تطبيقها في كل المجالات يسمح للصحافة بالنقد و إعطاء الرأي و في كثير من الأحيان تصنع رأيا فمواقف الوسائل الإعلامية من الانتخابات يتقبلها المواطن العادي في المجتمع الاستهلاكي ويجعلها الأساس لتفسيره للأحداث المترتبة على ما بعد الاستحقاق.