دعا مختصون في داء السكري اليوم الجمعة بالجزائر العاصمة, خلال الملتقى الثالث لهذا الداء, إلى إعادة تفعيل اللجان الوطنية للتخصصات الطبية المتعلقة بالأمراض المزمنة. وشدد الخبراء خلال هذا اللقاء العلمي على ضرورة إعادة تفعيل اللجان الوطنية لأمراض السرطان والسكري والقلب والشرايين التي اعتبروها تساهم بشكل واسع في ترقية الوقاية بالمجتمع ومكافحة عوامل الخطورة للتخفيض من الإصابة من هذه الأمراض التي تشكل عبئا ثقيلا على الخزينة العمومية. وفي هذا الصدد, شدد الأستاذ منصور بروري, مختص في الطب الداخلي بالمؤسسة الإستشفائية لبئر طرارية (الجزائر العاصمة), على أهمية تفعيل البرنامج الوطني لمكافحة عوامل الخطورة الذي اعدته وزارة الصحة سنة 2015, معتبرا إياه "وسيلة هامة يمكنها أن تساهم في تخفيض تكاليف التكفل بالسرطان وأمراض القلب والشرايين والسكري والتي تتسبب فيها عوامل مشتركة". وأوضح في هذا الإطار بأنه "إذا لم تطبق السلطات العمومية هذا البرنامج في الوقت المناسب, فقد تجد الدولة نفسها عاجزة مهما توفرت الوسائل لمواجهة ثقل هذه الأمراض اجتماعيا واقتصاديا". وذكر بالمناسبة, استنادا إلى معطيات الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي, بتكاليف تعويض الأدوية التي بلغت خلال سنة 2016 أزيد من 180 مليار دج نسبة 26 بالمائة منها للتكفل بداء السكري (46 مليار دج ) ونسبة 29 بالمائة استهلكت في اقتناء شرائط قياس نسبة السكري في الدم, دون الأخذ في الحسبان تكلفة الفحوصات الطبية والاستشفاء وبتر القدم والقصور الكلوي. وعبر من جانبه رئيس مصلحة أمراض الغدد والسكري بمستشفى بني مسوس بالجزائر العاصمة, الأستاذ مراد سمروني, عن أسفه "لسوء التنسيق" بين وزارتي الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات والعمل والتشغيل والضمان الإجتماعي فيما يتعلق بتسيير ووصف الأدوية, مشيرا الى أنه "في الوقت الذي تدرج فيه وزارة الصحة الجزئيات الجديدة الموجهة لعلاج بعض الأمراض المزمنة يتلقى المواطن صعوبة في تعويضها من طرف وزارة الضمان الإجتماعي". وعبر من جهة أخرى عن ارتياحه لنتائج التحقيق الوطني الذي انجزته وزارة الصحة خلال السنوات الأخيرة حول الكشف المبكر للسكري وذلك من خلال استعمال تقنيات "ذات مقاييس عالمية أعطت نتائج مشجعة وحقيقية حول الوضعية الوبائية بالمجتمع". وفيما يتعلق بعلاج داء السكري بالجزائر, قال الأستاذ سمروني أنه "رغم رصد مبالغ ضخمة للتكفل بالمصابين وجعل الأدوية في متناول كل شرائح المجتمع, إلا أن السلطات العمومية لم تتول إلى تحقيق نتائج مرضية في هذا المجال", داعيا إلى تعزيز الوقاية والتشخيص المبكر لاحتواء هذا المرض الذي ينتشر بنسبة 10 بالمائة لدى السكان البالغين 35 سنة فما فوق. ودعا جهة أخرى الأستاذ جمال بلخدير من مستشفى ابن سينا بالرباط (المغرب) إلى ضرورة "تثقيف المجتمع المغاربي حول داء السكري وبقية الأمراض المزمنة الأخرى مع تعزيز التكوين لدى الأطباء العامين والممرضين لضمان تغطية صحية شاملة", مبرزا في ذات السياق أن توفير أدوية علاج السكري "لا يكفي لوحده, بل يجب توسيع الوقاية واستهداف حالات هذا المرض". وشدد الخبير في داء السكري, جون بول ديجي, من جانبه, على ضرورة محاربة عوامل الخطورة المتسببة في هذه الإصابة من بينها عامل السمنة, مرجعا ذلك إلى تغيير نمط المعيشة الذي يتسم بتغذية غنية بالسكريات والدهنيات وقلة الحركة.