قضيتان مهمتان تابعتهما خلال هذا الأسبوع تخصان المسرح الجزائري. تدلاّن بشدّة على ما يحدث للمبدع في هذه البلاد -التي يريدون أن تكون سيئة-من انتهاك للحقوق إما المادية أو الرمزية والتي لا شكّ تحتاج تكاتفا كبيرا بين أهل الفن نفسه خاصة والمثقفين عامة لإعطاء الحقوق لأصحابها. القضية الأولى التي نبّه إليها عبر حسابه الصديق الباحث المسرحي «فهد الكغاط» وهو بالمناسبة واحد من أهم الباحثين في المسرح في المغرب والوطن العربي، ويتعلق تنبيهه بسرقة كتاب كامل للباحث الجزائري» د.عمر بلخير» بعنوان «تحليل الخطاب المسرحي في ضوء النظرية التداولية» نشرته منشورات الاختلاف عام 2003، أملك نسخة منه منذ سنوات، بحيث تم نشره بعنوان مغاير هو «الخطاب المسرحي» ونُسب إلى»عمر سعادة» في دار النشر «أمجد للنشر والتوزيع» بعمّان الأردنية، وقد نبه الصديق الكغاط إلى أنّ هذا ثاني كتاب يُنسب للمدعو عمر سعادة وتنشره الدار المذكورة، وقد كانت الأولى تتعلق بالاعتداء على كتاب للدكتور المغربي حسن يوسفي «المسرح في المرايا»كاملا والاكتفاء بتغيير عنوان الكتاب واسم الكاتب. وقد قارنتُ بالفعل بين الكتاب الذي عندي لعمر بلخير والكتاب الذي تحدث عنه الدكتور الكغاط فوجدته متطابقا، بينما لم يتم التوصل إلى شخص يعمل في البحث المسرحي باسم عمر سعادة وأغلب الظن أن الدار نفسها هي التي قامت بالسطو وليس شخصا تقدم بالكتاب مدعيا وتم نشره دون أن تنتبه الدار لذلك. ولستُ أعرف قلة أدب في التعامل مع المبدعين مثل هذه إلاّ ما وجدناه في القضية الثانية. والقضية الثانية تتعلق بالغضب والحزن الكبيرين اللذين أبداهما الفنان «لطفي بن سبع» عندما لم يتم إشراكه في حضور الاحتفال بيوم الفنان الذي أقيم في باتنة بحضور وزير الثقافة ووالي الولاية. مع أنّ من يعرف ولو سطحيا الظاهرة المسرحية عندنا في الجزائر سيدرك بلا شك التأثير الهام والعميق الذي أحدثته أعمال بن سبع، بل في ظني أنّ أعمال بن سبع واحدة من أهم الأعمال التي تمثل حدثا فنيا يستقطب الاهتمام الفعلي الكبير، الذي يحظى بالحفاوة الجماهيرية والنقدية على حد سواء، وليتأكد أنّ حضور مثل هذه الفعاليات هو تشريف لصاحب الدعوة أكثر من تشريف الضيف نفسه، ولا أظنّ أنّ باتنة التي أعطاها الرجل من عمره سنوات طويلات يمكن أن «تجهل» أو «تتجاهل» قيمة لطفي بن سبع. وهو ما أثار حزن وغضب مجموعة كبيرة من الفنانين والمبدعين، وهو ما يثير غضبنا وحزننا أيضا نحن جمهور الرجل المبدع. في القضية الأولى يتوجب على صاحب الكتاب أن يتقدم بدعوى قضائية ضد دار النشر واسم السارق للتعويضات الأدبية والمادية، على الرغم من بعض الصعوبات التي تصادف هذا الإجراءات، والتماطل وعدم وجود ثقافة المتابعة القضائية في مثل هذه الأوضاع.وفي الثانية يجب أن يعيد منظمو الحفل حساباتهم فإن كانوا جاهلين بتاريخ الفن في الولاية ولا يعرفون الأسماء المهمة فيها فليتركوا التنظيم لمن يعرف ويقدّر. يستحق مبدعونا وباحثونا التكريم، والاحتفاء بمناسبة أو بغير مناسبة، كما يستحقون أن ندافع عنهم ضد كل ضرر يمكن أن يقع عليهم، ذلك أنّ الدفاع عن الفن والإبداع والبحث العلمي هو دفاع عن وجه الجزائر المشرق، الوجه النبيل لهذه البلاد. فليس عدلا أن يكون جزاء المبدع المسرحي في الجزائر ممثلا ومخرجا أو ناقدا أن يتم سرقة مجهوده بنسبته إلى غيره مرة أو التنكّر لمنجزاته عندما يتم إقامة حفل يدعى فيه تلاميذ الفنان دون أن يدعى الفنان نفسه !! ولا أقسى على المبدع أن يرى هذه السرقة أو هذا التنكّر يحصل.