أخذت ظاهرة الاعتداء على الغطاء الأخضر و القطع العشوائي للأشجار على مستوى تراب الولاية أبعادا خطيرة حيث ارتفعت في السنتين الأخيرتين حصيلة الأشجار المعتدى عليها من قبل سماسرة العقار على حساب مشاريع خاصة و عمومية في الوقت الذي تبرمج فيه أكبر عمليات التشجير عبر محيط الولاية. الوضع الذي استدعى دق ناقوس الخطر و التدخل السريع للسلطات و أعضاء المجتمع المدني للبحث عن حلول عاجلة لإنقاذ رئة وهران من التلف و الحفاظ على ما بقي من عملية التنفس. و قد أثارت عمليات القطع العشوائي للأشجار خاصة المعمرة منها ضجة كبيرة على مستوى وسائل الإعلام و صفحات التواصل للاجتماعي حيث مست الاعتداءات مواقع كثيرة بالولاية منها غابة كاناستال و شارع خميستي أين أثار قطع شجرة معمرة كانت أمام واجهة إحدى المحلات ضجة كبيرة قبل أشهر، و كذا الحي المسمى « ميتييو» أين يتواجد مقر الأرصاد الجوية، و أحد أحياء بلدية مسرغين أين تقدمت إحدى المواطنات بشكوى لدى شبكة البيئة و المواطنة تفيد باعتداء أشخاص على مجموعة من الأشجار و قد برمج تنقل أعضاء الشبكة إلى المكان في الأيام القليلة المقبلة. و نفس العملية أيضا شهدتها منطقة ايناسم بالسانيا حيث قامت مواطنة بقطع الأشجار المحاذية لمسكنها. هذا بالإضافة إلى قطع 30 شجيرة بحي العقيد و غيرها، و منع محاولة صاحب إحدى المحلات التجارية من التخلص من أشجار التوت التي غرست بالحي بحجة تساقط حبات الفاكهة و تلوث الأرضية. هذا زيادة على عدد كبير من المواقع التي أصبح المواطن يبلغ فيها عن أي اعتداء على المساحات الخضراء من خلال التواصل مع الجمعيات الفاعلة في الميدان على غرار جمعية وهران خضراء و شبكة البيئة و المواطنة. و لعل أكثر عملية اعتداء قساوة حسب ممثلي الجمعيات البيئية سجلت الخميس المنصرم بطلب من بلدية وهران و بترخيص من محافظة الغابات إذ تم قطع 17 شجرة من نوع الصنوبر تجاوز عمرها نصف قرن بحديقة ميلينيوم بحي العقيد لطفي على حساب إنجاز مرأب للسيارات ليتبين فيما بعد أن العملية تدخل في إطار مشروع حبيباس لاند و على اثر هذه الجريمة أمر والي وهران السيد مولود شريفي خلال لقاءه مع ممثلي المجتمع المدني المختص بمجال البيئة بمنع قطع أي شجرة مستقبلا دون استشارته شخصيا و لا تتم العملية إلا عند الضرورة القصوى مع تعويض الأشجار بغرس أنواع أخرى بنفس الموقع و المحيط القريب منه، كما أكد رئيس جمعية وهران خضراء السيد كورداسي على ضرورة إعادة نقل الأشجار التي يتم قطعها إلى أماكن أخرى و إعادة غرسها تجنبا للخسائر خاصة بالنسبة للأشجار المعمرة التي تتطلب سنوات لتكبر. و يهدف قرار الوالي بمنع قطع الأشجار حسب رئيس شبكة البيئة و المواطنة السيد هواري يحياوي إلى إشراك أعضاء المجتمع المدني أي قرار يخص البيئة و استشارة أهل الاختصاص في المشاريع التي تخص التكفل بالغطاء الأخضر و منع الضرر و ردع المعتدين. هذا في انتظار نتائج التحقيق حول اقتلاع 17 شجرة الذي كلفت به محافظة الغابات. وقود السيارات لقتل الشجرة يستعمل بعض الأشخاص من أعداء البيئة ارخص الطرق للتخلص من رئة المحيط و قتل الشجرة بدل قطعها بحجة أو بأخرى في ظل انعدام ثقافة الاهتمام و حب الغطاء الأخضر وسط المحيط السكني، و بعد الشكاوى والضجة و التدخلات السريعة التي أصبحت تسجل مباشرة بعد أي عملية قطع الأشجار يعتمد بعض المجرمين رمي وقود السيارات على جذوع الأشجار بدل قطعها حيث تفقد الشجرة الحياة بعدها و تصبح غير منتجة و غير مزهرة لتيبس بذلك جذوعها و أغصانها و يكون لا جدوى من بقاءها. و حسب السيد يحياوي رئيس شبكة البيئة و المواطنة فإن هذه السلوكات تتم في صمت و خفاء ليتم بذلك القضاء على الغطاء الأخضر عن طريق قتل الشجرة بوقود السيارات. و تعمل الشبكة من خلال مبادراتها الميدانية على مراقبة و متابعة كل هذه السلوكات من خلال الإبلاغ عنها من قبل المواطنين الغيورين على النبات الأخضر ليتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في حق المعتدين. إطلاق أول عملية لاحصاء الأشجار والمساحات الخضراء بداية من سبتمبر هذا و تنطلق بداية من سبتمبر المقبل عمليات إحصاء المساحات الخضراء و الأشجار المتواجدة على مستوى تراب الولاية مع تحديد كل نوع. و تتم المبادرة بالتنسيق مع مديرية البيئة و الجمعيات الفاعلة و بالتعاون مع البلديات. و سيسمح هذا المشروع المقترح من قبل الجمعيات البيئية و على رأسها شبكة البيئة و المواطنة بتسجيل كل الأشجار و المساحات الخضراء لكل بلدية و هذا التحكم في الوضع و منع الاعتداءات المتكررة و عمليات القطع العشوائي للأشجار. و يعمل أعضاء المجتمع المدني على تجنيد جميع الفئات في مهمة حماية البيئة و الحفاظ على المساحات الخضراء و محاربة ظاهرة قطع الأشجار. كما ذكر السيد يحياوي رئيس شبكة البيئة و المواطنة انه بالنسبة للأشجار المعمرة فهي تحتاج لمتابعة و رعاية خاصة و يتم في هذا الإطار العمل بالتعاون مع أساتذة جامعيين في تخصص العناية بالنباتات مع توعية المواطن و غرس ثقافة الحفاظ على البيئة و المحيط. كما تجدر الإشارة أيضا ان الشارع الوهراني أبدى تجاوبا كبيرا مع الجمعيات الرافضة لعمليات قطع الأشجار و هذا من خلال التعليقات على منشورات الفايسبوك و الفيديوهات الناقلة لجرائم القطع العشوائي للأشجار.