ريتا : بالرغم مِن أنك تُثيرُ مخاوفي .. قصائدُكَ تُثيرُ مخاوفنا ، إلا أني أشفِقُ عليكَ مِن العمل السياسي ، ومناخه القاسي .. درويش : لن أقلِعَ عنه ، وإنْ طال المدىَ ، وسوف نعود .. ريتا : كيف ، وقد انتصرنا ؟ درويش : إنْ سلبتُم حقاً بالقِتال ؛ كيف ستحتفظون بهِ إذا الميزانُ مال ؟ .. إنّ نصركم هذا ، شرٌ مِن هزيمة . ريتا : هذا وعدُ السماء ... درويش : مالِكِ أنتِ والسماء ؟ .. كيف تُعيدون عقاربَ الوقتِ إلى شرعيةٍ لن تكون ؟ .. أنتم من خلقتم المهزلة باسم السماء .. أنتم من صنعتم المهزلة ، وليست السماء . أيها العابرون ، آن لكم أن تنصرفوا ... ريتا : مجنونٌ أنت ؟ .. إلى أين نذهب ؟ درويش : إذهبوا أين شئتُم ، لكن لا تُقيموا بيننا .. اخرُجوا مِن أرضِنا ، مِن برّنا .. مِن بحرِنا .. مِن جُرحِنا .. اخرُجوا مِن كلِّ شىء ... ريتا : ( لنفسِها )أفلتَ المكبوتُ مِنَ القُمقُم .. يبدو أني نزعتُ الصاعِق .. توجد أماكن هُنا للجميعِ .. توجد مقاعد درويش : بيننا وبينكم بنادق ، وبيارِق . ريتا : إنّ الهوية مفتوحة للتعدد ... درويش : إن الهوية دفاعٌ عن الذات . ريتا : ما الذي ترجوه مِنا ؟ .. أن نأخُذَ ماضينا إلى سوق التُّحَف .. أن نأخُذَ حاضِرَنا على صحنٍ مِن خزف .. أنت تطلبُ المستحيل .. أنت ترجوا المستحيل .. درويش : المستحيل أن تظل أمريكا تمدكم بالمدد ، إلى الأبد .. أمريكا هيّ الطاعون ريتا : ( ضاحكةً ) .. أمريكا وراء الباب ، إحترس في كلامِك .. يالك مِن مجنون غناء : ( إحترس في كلامِك .. إحترس في منامِك .. إحترس في كلامِك .. فإنّ للجُدرانِ آذاناً إحترس في كلامِك .. إحترس بكلامِك .. إحترس لكلامِك .. درويش :أعرِف .. أمريكا في كل مكان .. في صناديق السيفون بدورات المياه .. في عُلَب الكبريت ، وفي عُلَبِ السردين ، وفي سحابات السراويل ريتا : تروقُ لي تعبيراتك أيها المثقف المجنون . درويش : الجنون أن أنسى ماجرى في ذلك المساء الفاجع .. وأنا في السابعة تجرعتُ الفاجعة .. كانت النكبة .. ريتا : كفى .. لا تنكأ جراحاً أليمة .. قلبت كياني رأساً على عقب .. جعلتني أتساءلُ حَيْرَى .. أنا ؟ .. أنا من أنا ؟ .. أنا مَن أكون .. أسألُ نفسي نحنُ مَن نكون ؟ .. نحن في زمن الجنون . يامَن جعلت حياتي نيرانٌ ، وحريقة .. هل تلك حياةٌ ، أم زيف ؟ وهمٌ أم حقيقة ؟ ..