زيادة على المثالية التي تميزت بها مسيرات الجمعات المتتالية للحراك الشعبي , من حيث طابعها السلمي, وأساليب التعبير الحضارية عن المواقف المختلفة للمتظاهرين, وصور التلاحم بين مختلف فئات الشعب, و بينها وبين مصالح الأمن, برهن الجزائريون من خلال حراكهم , باعتراف وسائل الإعلام العالمية, و كبار محلليها السياسيين , أن حركة احتجاجية منظمة وسلمية ومدنية , تؤدي إلى الدفع بحكام عمروا طويلا في الحكم إلى الاستقالة , شريطة ألا يتعرض المحتجون إلى قمع الأجهزة الأمنية , التي لعبت دورا أساسيا في توفير الأمن للمسيرات وحمايتها من الانزلاقات المهددة لأمن الأشخاص و الممتلكات و المخلة بالنظام العام. غير أن الدور الحاسم في هذا الإنجاز فقد كان لقادة الجيش الوطني الشعبي , الذين تبنوا مطالب الحراك الشعبي , و حرصوا على مرافقتها في مسارها نحو التجسيد بتفعيل المواد الدستورية 102,8,7. وهو الموقف الذي تجاوب معه الشعب في مسيرة الجمعة السابعة من خلال الشعارات المؤكدة لتلاحم الشعب بجيشه, وعكست افتتاحية الجيش وتصريحات قائده مدى هذا التلاحم الخالي من الخلفيات المبيتة أو المغرضة حسب مزاعم بعض الذين حاولوا إيهام الرأي العام بأن المؤسسة العسكرية بإجراءاتها تحاول الالتفاف على مطالب الحراك الشعبي, كونهم يعلمون علم اليقين بأن هذه المؤسسة الدستورية هي القوة الوحيدة القادرة في الظرف الراهن فرض نموذج مجتمع ديمقراطي وشفاف في الجزائر في مستقبل منظور, قد صرح قائد الجيش أنه لن يكون جزءا منه, مما يجعله طرفا محايدا في الصراع السياسي لخلافة الرئيس المستقيل. وكما أن سقف مطالب الحراك لا يفتأ يتزايد , فإن سقف المطلوب منه, يتسع هو الآخر ليشمل الحفاظ على الصالح العام بالمفهوم الواسع للمصلحة العمومية, أملاكا وخدمات والتزاما بالحقوق والواجبات في جميع القطاعات عامة وخاصة, لتستمر حياة المواطنين بشكل طبيعي , بدون عوائق تحرمهم من خدمة عمومية أو حق سياسي أو مدني . لا سيما وأن شكاوى بدأت تسمع من مؤسسات عمومية تراجعت مداخيلها جراء تعطل نشاطها ليس أيم الجمعة فقط, وإنما حتى خلال بقية أيام الأسبوع, عندما تختار فئات عمالية عديدة التظاهر والاحتجاج أثناء أوقات العمل الرسمية... و لذا على الحراك أن يحافظ على سمعته وتميزه , كنموذج للاقتداء .