اعتبر الباحث في علوم الإعلام والاتصال الأستاذ الجامعي بجامعة بن باديس العربي بوعمامة أن المشهد السياسي في البلاد يشهد في الوقت الراهن حالة من التميز والانتقال نحو تأسيس ملامح جديدة لساحة سياسية ونضالية راقية يكون فيها للمجتمع القدرة على التواجد بفعالية داخل العملية الانتخابية وفي صياغة القرار السياسي الذي تشترك فيه تحديد توجهاته منابر التمثيل السياسي من مجالس منتخبة وفعاليات المجتمع المدني. وأشار الأستاذ الجامعي المهتم بقضايا الاتصال السياسي والإعلام الاجتماعي أن الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر على مدار اسابيع حافظ على سلميته وأسس لمعطى جديد يتمثل في قوته الضاربة وهي الشباب . ما هي نظرتكم للمشهد السياسي بالجزائر ؟ اعتبر أن الحراك الشعبي حالة من الانتقال السياسي الراقي الذي يؤسس له المجتمع بنضال سلمي من اجل تغيير منظومة الحكم السياسي و اعتقد كباحث أن الطابع السلمي للمسيرات السلمية فتح آفاقا واسعة لتعميق الممارسة الديمقراطية والنضال بلغة مطالب سياسية واضحة من اجل تغيير الأنماط السياسية و ذهنيات وطرائق التسيير المتصلة بالدولة ، لذا يجب أن نرى هذا المشهد السياسي خاصة وان إيقاع الحراك الشعبي زاد من حيوته بعد حالة ركود وهشاشة في المنابر الحزبية وتمييع للممارسة السياسية والمؤسساتية ، نراه كحراك سياسي راقي يدفع بالشباب للتعبير عن طموحاتهم في مستقبل أفضل لوطنهم ولمؤسسات بلدهم. ما تعليكم عن المطالب المرفوعة في الحراك ؟ المطالب المرفوعة اعتبرها واضحة وظاهرة للعيان تتطلب من قبل الفاعل السياسي قراءة متفصحة ومتعمقة في كيانها وسياقها فهي مطالب تنشد تغيير أنماط التسيير والممارسات والسياسات وانتهاج أساليب جديدة بوجوه جديدة تؤسس لديمقراطية تشاركية منتجة لخطاب مقنع يفتح آفاقا سياسية و حكامة راشدة تبني الدولة على أسس متينة . كباحث في علوم الإعلام و الاتصال ما هي الحلول السياسية و الدستورية التي يمكن توظيفها لإخراج البلاد من أزمتها في الوقت الراهن؟ بالنسبة للحلول السياسية والدستورية التي يمكن توظيفها في الوقت الراهن خاصة والمستجدات الأخيرة التي تشهدها الساحة الوطنية من خلال الضغط الذي يؤسس له الحراك الشعبي ، فانا اعتقد صراحة أن المقاربة السياسية والدستورية يمكن أن تكون حلا توافقيا للخروج من أزمة سياسية أربكت مؤسسات الدولة وزادت من حالة الاستياء الشعبي على الأداء الرسمي وفي تقديري يجب الانتباه إلى تجديد وجوه المؤسسات وواجهة القطاعات التي تخاطب المواطنين والمجتمع بشكل يومي ومستمر وينشد منها أداء وظيفي وسياسي نوعي. ماذا عن دور الإعلام في هذا المجال ؟ في اعتقادي يمكن لوسائل الإعلام أن تساهم في نشر العديد من أفكار النخب الوطنية التي تملك مشاريع مجتمع ودولة ترتكز على بناء تشاركي للدولة وممارسة الفعل السياسي بتعميق لثقافة التعدد. فالدستور الذي نرى انه يتيح صيغ توافقية للخروج من الأزمة بتدرج وبدراسة عميقة لمطالب تنشد تغيير واجهة نظام سياسي كبادرة لبناء ثقة بين الحاكم والمحكوم يجب دعمه أيضا بتصورات سياسية يمكن على أساسها الخروج من أزمة سياسية يجب أن لا تطول كثيرا لان في الإطالة تشتيت للجهد الوطني الذي ينبغي الاستثمار في رمزية ورقي الحراك الشعبي الذي كانت ولا زال محطة تاريخية فاصلة في تاريخ الجزائر المعاصر يطرح أفكار جيل جديد من الشباب يريد بناء الجزائر دولة القانون والمؤسسات . الجامعة انصهرت في الحراك بشكل اثر على سيرورة التحصيل العلمي المهدد بسنة بيضاء.. بالنسبة للسنة الجامعية وموقع الطلبة وهاجس السنة البيضاء في اعتقادي لا يمكن أن يكون هذا الطرح حاضرا في مخيال ولا أداء الطالب ولا السلطات الوصية ، فالطلبة الجامعيون الذين تفاعلوا مع الحراك الشعبي وشكلوا قوة اقتراح هامة فيه ، يدركون في الوقت الراهن وتبعا للظرف الوطني الحساس أن مشاركتهم في الحراك الشعبي هي مسؤولية وواجب خاصة وأنهم يشكلون قوة اقتراح شبانية نخبوية إن صح التوصيف ، يجب الاهتمام بها والاستثمار في طاقتها الهامة والفعالة وفي تقديري لا يمكن أن تكون المرحلة المقبلة بآفاقها الواعدة بعون الله دون الأستاذ الجامعي والطالب الجامعي والجامعة التي صوبت مؤخرا الكثير من مسائل النقاش الوطني وكانت حاضرة برمزية المؤسسة وتاريخها النضالي في الحراك الشعبي الذي نرجو أن يكون حالة بناء راقية لدولة قوية تتمتع اليوم برقي في صور النضال وبقوة مؤسساتها وفي مقدمتها الجيش الوطني الشعبي درع الوطن وسيفه في الرخاء وفي أوقات الشدائد.