رواية "صيف مع العدو "للكاتبة العربية شهلا العجيلي تجربة جديدة في الكتابة ، و هي رواية تقع في ثلاثمائة و ثلاثة و ثلاثين صفحة، صادرة عن منشورات ضفاف و منشورات الاختلاف ، و مجاز الأردن سنة 2018 م. هي رواية تمثل تراكما سرديا للذاكرة الجماعية للمحكي في الشام الكبير، و تنقل لنا تجربة جديدة في الكتابة التي تنطلق من الذات و الذاكرة لترصد واقعا مريرا يعتصر الألم و يرسم فرحا ممكنا للفن و الجمال ، و يتتبع علاقات اجتماعية تجابه الواقع و تحلم بغد جميل بالوقوف عند قيم جمالية للحب و الكراهية و الفرح و الألم، و الرضا و الغضب في صورة بانورامية جميلة تهفو حنينا و شوقا لماض تولى و حاضر أليم و حزين و غد مشرق بكثير من الخوف و بعض من الأمل. إن ثنائية الأنا و الآخر شكلت قيمة جمالية في هذه الرواية تقوم على المفارقة ."... و بدأت تنمو في داخلي عقدة نفسية جديدة، قامت على الصراع بين إعجابي ينيكولاس، الذي وجدت فيه العنصر الرجولي في عائلتي، و بين توجسي من أن يسرق أمّي.اضطرم قلبي بالمحبة و الغيرة و الحقد".الرواية:114. بمثل هذا و غيره يجد القارئ نفسه مشدودا إلى العمل الذي ينشط الخيال و يجعله ينفتح على أكثر من صورة و هو يتلقى هذا النص بكثير من الإعجاب و المتعة .".. و قد علمني أن أحترم الحقيقة مهما كانت، أن أجد لها روحا و أتعامل معها على ذلك الأساس: - لميس تعالي. لم يكن هناك حلّ أفضل من القتل. كان سيتألّم وقتا طويلا، ثم سيموت. – كنت قاسيا جدا. – قد تنبثق الرحمة من القسوة. – إذن الطبيعة هي القاسية ! – الطبيعة ليست رحيمة و لا قاسية، هي فقط لا مبالية. علينا ألاّ نشغل بالنا بها، ستحلّ معضلتها من ذات نفسها." الرواية: 138. إن قراءة عمل من أعمال الروائية شهلا العجيلي هو نوع من الانفتاح على تجربة في الكتابة تعكس مستوى حضاريا و ثقافيا ، فالكاتبة تمثل تراكما للكتابة الروائية في الوطن العربي، و لا شك أن هذا الرصيد مثّل لهذه المبدعة ثقلا مرجعيا تنهل منه من جهة، و تسعى إلى تجاوزه فنيا و جماليا حتى تقدم إضافة تمثل حراكا وسط بعض الركود من خلال إعادة إنتاج نمط من الكتابة قد ينشد الثبات وسط تقاليد في الكتابة ، و تسعى إلى تبين مخرجا للإبداع فيما قد يشعر به أي مبدع ، أو ما يمكن أن نتواضع على تسميته بأزمة الإبداع لتجاوز المألوف و المعتاد . " ونؤكد في هذا المقام شخصية المبدع ، إذ المبدع شخص من طراز خاص ، يمتاز عن غيره من البشر بصفات خاصة تجعله جديراً بأن يكون مبدعاً . وأولى هذه الصفات الإحساس المرهف ، ذلك الإحساس الذي يجعله يشعر بما لا يشعر به الآخرون من غير المبدعين ، وينتبه إلى ما لا ينتبه إليه غيره . ويتصف المبدع كذلك بالخيال الواسع ، والذكاء ، والحرية ، بالإضافة إلى ما حباه الله به من موهبة الإبداع . فالخيال الواسع يمكِّنه من اكتشاف علاقات جديدة بين الأشياء أو العناصر لم تكن موجودة من قبل ، كما يساعده هذا الخيال النشط على تصميم نماذج جديدة ، وصياغة أطر مبتكرة ، و لا يتأتى له ذلك إلا بالذكاء والفطنة . و باختصار المبدع شخص عبقري من طراز خاص .إن المبدع في الأصل شخص موهوب ، لكنه لابد أن ينمي موهبته ويُصقلها بالتجارب ، وهو في حاجة ماسة إلى حرية حقيقية ، لينفلت من إسار الواقع والتقليد ، ويحلق في آفاق جديدة ، وليبحر صوب المجهول ، ولذا فإن التقاليد الصارمة ، والموروثات النمطية ، والحدود المصطنعة ، والروتين ، كلها مواد سامة تصيب المبدع في مقتل ، وتقضي على إبداعه ، بعد أن تُكبِّله وتسجنه وتشل تفكيره و خياله." ، و الواقع أن بعض المبدعين العرب كانوا أكثر شعورا بهذا الوضع و من ثم سعوا إلى الابتكار و التجديد في ضوء رؤية فنية تنهل من التجارب الإنسانية في الفكر و الفن.