شكلت الكتابة الشعرية في الجزائر خلال العقد الأخير رهانا حقيقيا ليس على مستوى الكم وحسب، بل ومستوى الكيف أيضا وظهرت أسماء شعرية جديدة حاولت أن تقترب من النص، وتدرجت هذه الكتابة حتى بدأت تصل إلى مرحلة النضج فني؛نضجٌ نجده عند الكثير من الأسماء الشعرية التي بدأت تضع خطوها في الحقل الأدبي الجزائري، من بين هؤلاء الشاعر الواعد أيوب يلوز . إن هذه المجموعة الشعرية ( الجرح المقدس) والتي أكثر ما فيها نثري، يمكن أن نلحظ فيها المزج بين المشاعر الذاتية والجماعية التي تفضي إلى تسجيل تركيبة ناتجة عن وحدة الإحساس وتكامل التجربة، حيث تبدو الأغراض داخل هذه الوحدة متناسقة ومتساوقة، ويبقى بناء النصوص متراصا ومتماسكا في أجزاء متكاملة، في سياق وشعور موحدين ؛ وهذا يكشف عن قدرة الشاعر على التحكم في انفعالاته مهما كان ضغطها وإثارتها للقول. والشاعر في هذه المجموعة كتب عن راهن ما يعيشه هو ويعيشه الوطن مُتبنيا تقريبا نفس أسلوب تجربته السابقة في ديوانه الأول( بصمات) ،لأن شعر أي شاعر هو بمثابة بنية واحدة، أو دال واحد مدلوله هو بحجم التجربة الشعرية الكاملة للشاعر بما فيها من تضاريس شكلية، أو أجواء نفسية، وتجليات جمالية، هذه النظرة الكلية للتجربة الشعرية عن بعد تجعل منها كلا واحدا ذا تنوع، ونسيجا متكاملا في مظهره العام، لأن أي قصيدة من قصائد الشاعر هي امتداد لتجربة شعرية سابقة وعمق لتجربة أخرى لاحقة، والأعمال الشعرية ليست تكديسا وتراكما من منظور تكرار لما هو كائن أو استنساخ لما هو منجز، ولكنه إضافة وتجاوز لما هو موجود. وإنني إذ أقدم هذه المجموعة الشعرية( الجرح المقدس) فإني أُأكد على لسان "أيوب" أن الإبداع الحقيقي ثمرة إنتاج مستمر ومسيرة أطول، ثمرة كفاح وتعب بكل ما تحويه هذه الكلمات من معان، ثمرة تجارب تصقل الأديب وترفعه عن مصاف الناس العاديين. لا أريد أن أكون مكان النقاد والقراء في الحكم على هذا العمل، لكن باستطاعتي القول أن هذه المجموعة الشعرية هي عمل يستحق القراءة؛ لشاعر سيكون إضافة للمشهد الشعري الجزائري، والقادم من أعماله سيكون بالتأكيد أجمل وأجمل ...وأجمل.