تعتبر الدكتورة و المبدعة زهرة خفيف من الأسماء الجديدة في عالم الكتابة الأدبية في الأدب الجزائري المعاصر، وهي أستاذة محاضرة بكلية الآداب واللغات جامعة سكيكدة، وباحثة متخصصة في الدراسات الأدبية والنقدية، خاصة حول الرواية والنقد الثقافي،نشرت مقالاتها في مجلات أكاديمية، وأصدرت مجموعة من الأعمال الشعرية " ملكة بلقيس" ، الرذاذ والرماد، تبريح الروح..)، وهي تمزج النص العمودي والقصيدة النثرية. و من ملامح الكتابة الشعرية عندها نجد قصائد المدح النبوي والتعبير الشعري عن السيرة النبوية، ومنها قصيدة "أمارات النبوة"، في ديوان "في البدء كانت حواء"، وقصيدة "روضة العاشقين في مدح سيد المرسلين" من ديوانها " مقام الهسهسات" ، كما كتبت المديح النبوي في نص "بوح" في مجوعة "تباريح الروح" و نصي "مديح وفخر" و« سيظل بيننا" ،والملاحظ أن محاولات الكاتبة لإنشاد أنغام الحب النبوي قد تراوحت بين نصوص عمودية وأخرى من الشعر النثري، كما لم تغامر كثيرا في المجاز و الترميز، مختارة الصدق العاطفي والتعبيري.. السفر في التراث والأساطير... من يقرأ الأعمال الشعرية و الإبداعية التي نشرتها الكاتبة الدكتورة زهرة خفيف سيلحظ ذلك الحضور الجمالي الدلالي للتاريخ والتراث العربي الإسلامي، كما سيجد التوظيف الأسطوري بكل رمزياته وإحالاته، و ترحل مثلا في مجموعتها "قطر الندى "لموضوعات مختلفة، وتحاور العوالم الصوفية والسياسية والاجتماعية. ويتجلى التوظيف الأسطوري والديني في قصيدة "أنا" من مجموعة "في البدء كانت حواء"،و كذلك في نص "بالشعر"، وفيه توظيف للسندباد، شهرزاد، بلقيس، كليوباترا،موسى...ويمكن للقارئ العربي تأمل الحضور العددي لهذه الشخصيات بطريقة تكشف ثقافة المبدعة، لكن قد لا نجد الكثير من التوغل الدلالي والوهج الفني للحضور الأسطوري، لأن الشاعرة انشغلت بهز وخلخلة ذاكرة القارئ وإجباره على البحث التاريخي والتراثي، لكن دون إضافة لدلالات الرسالة النصية. السلطة في المجتمع العربي كتبت الدكتورة زهرة خفيف في موضوعات الانتقال السياسي في المجتمع العربي الكثير من شعرها، مثل قصيدة "يوميات سلطان العروبة" وهي من الشعر النثري، ونلقى فيها صوت الشاعر العراقي احمد مطر والشاعر السوري نزار قباني، وموضوعها حول رفض ممارسات السلاطين في مجتمعات عربية محاصرة بالفساد و الاستبداد... ويلتقي تفاعل الشعري بالسردي في أغلب قصائد الأديبة، كما أننا نكاشف في كتاباتها النص المثقف المليء بالإحالات التاريخية العربية، وتحتاج نصوصها لمعرفة بالأسماء ومرجعياتها و بالأحداث وخلفياتها ، وكذا بالنصوص الشعرية العربية القديمة، و لعل الشاعرة زهرة خفيف أول وأبرز شاعرة جزائرية تكتب الشعر السياسي الساخر في الأدب الجزائري باللغة العربية، حيث يتجدد حضور التعبير الطريف المستهزئ من واقع عربي متخلف قابع تحت الديكتاتوريات، ونلقى هذا في نصوص كثيرة منها على سبيل المثال نص "فوضى" ونص " حديث البلاد " . نصوص التحدي.. ومن مميزات الهوية الشعرية عند الأستاذة زهرة خفيف كتابة نصوص تتمرد على السلطة الذكورية في المجتمع التقليدي، فهي تتحدى الجبروت الذكوري الذي يستغل العادات لينجز طغيانه وتحكمه، فتكون الكلمة الشعرية بروحها ودلالاتها هي قوة الشاعرة للمقاومة ، من ذلك قصيدتها "شكوى ضد رجل" ، وفيها تكرار لفعل "أشكوك"، والصيغة الاستفهامية "كيف استطعت يا رجل؟"، في خطاب موجه للرجل عبر كامل النص،لتقدم الكاتبة كل المعاني السلبية بين يدي أعمال الرجل( الجزائري العربي". عودة للشيخ عبد الحميد ابن باديس..وفي ديوانها "قطر الندى" يجد القارئ قصيدة" رسالة إلى عبد الحميد ابن باديس"،وهي طويلة و من الشعر العمودي، تخاطب الشاعرة المجد الإصلاحي الإسلامي، و وتستدعي إمام الجزائر الشيخ عبد الحميد ابن باديس لتخبّره عن الراهن الجزائري، في أبعاده السياسية و المجتمعية، وتخبره عن ممارسات المفسدين ومحاولات الاستعمار الفرنسي للعودة محددا لأرض الشهداء، ثم تتوقف عند الحراك الشعبي والثورة السلمية الحضارية.. وعليه فإن الموضوع الوطني من أهم الموضوعات حضورا عند الشاعرة زهرة خفيف، وعبره تقول هويتها وتكتب توهجها ووجهتها ، لتغاير الكثير من الكتابات النسوية في الجزائر، باختيارها الموضوع الوطني كعالم دلالاي للتعبير الشعري من جهة والتفرد الإبداعي النسوي من جهة أخرى.