- مفهوم الحب في حضرة الأنا، هو تمثيل ليس إلاّ.. الليل جالس برفقتها يحاول مؤانستها.. الأفكار تحوم حولها، تحاصرها، تنثر في زوايا الروح عطرها، تستدعينا لمعانقة مملكتها و إعادة قراءة ما ظفرت به من رصيد معلوماتي بعد الخطوة التي إنداحت معالمها وهّاجة أمامها و أصرت على إعدادها.. فكّرت ملياّ.. ألقت نظرة على دفترها الذي كانت رسمت عليه خطة عملها عندما راودتها فكرة البحث عن عناصر أساسية تغذّي موضوع دراستها الميدانية التي انصبّت على تصوير حياة الحب التي يعيشها في أوساط المجتمع ثم الإجابة على ما راودها من تساؤلات كثيفة، كانت تعيد اجترار بعضها من حين ل0خر.. هل للحب حياة؟؟ كيف يا ترى يعيشها في هذا الزمن؟ هل هناك من يوليها أهمية؟ رأت بأن الموضوع أكثر حساسية كونه يتعلق بمشاعر الإنسان و هذا الإنسان أكثر عرضة في زمن الأنا لمتغيرات أحدثها بنفسه في الحياة، فتغير في نظره كائن الحب عمقا..لغة.. لونا و هدفا، و ظل هاجسها الأساسي هو الوصول إلى حقيقة معنى الحب في هذا الزمن، فأرادت أن تترجم الحياة الطبيعية للأشخاص في تعاملهم مع الحب حتى تعطي لفيلمها الوثائقي طعما خاصا تغذيه صور بألوان الواقع و هواجس البشر.. و ها هو موضوع دراستها يلم بجوانبه المهمة، أعدّتها ضمن برنامج وثائقي يوجد بين يديها ال0ن ، و قبل أن تتجه به إلى مكان عملها كصحفية (معدة للبرامج الوثائقية)، وتقدم على الخطوة الموالية المتمثلة في عملية التركيب ليبث إلى الجمهور، لا بد لها من قراءة متأنية للمشهد العام لموضوع الحب الذي رسم الكثير من الحيرة على ملامحها و هي تستعد لمتابعته.. تفتح الحاسوب في هذه اللحظات و تشرع في مشاهدة ما أنجزت من عمل استدعى منها التركيز على الحوارات حول الحب مع كلا الجنسين و من مختلف الأعمار، فاختارت البعض منها و راحت تتأمّلها: فعن سؤالها: ما معنى الحب بالنسبة إليك؟؟ و كيف تعيشه؟ . الأول: كلمة تبحث عن معنى و لم تجده، فكيف سأعيشه في رأيك..؟ الثاني: إحساس جميل تحمله الأعماق لكنه غير نافع لحياته، فما جدوى العيش معه؟ الثالث؛ إيمان لا يصدّقه الواقع، فأعيشه كما يشتهيه.. الرابع: رومانسية يؤمن بها الضعفاء سرعان ما تحطم مشاعرهم عندما تصطدم بالواقع.. أسعى للابتعاد عن طريقها حفاظا على أحاسيسي.. الخامس: تمثيل من الأذكياء للوصول إلى أهدافهم.. أفضل أن أعيشه بهذا الذكاء.. و عن سؤالها: من هو المعني بالحب عندك..؟ - جيبي وفقط. .. – من يحقق أهدافي ؟ من يقاسمني ما أبحث عنه.. ؟ من يطرز الكلام لإسعادي.. ؟ من أنجح في تمثيلي معه.. أليست هذه أنانية؟؟ ، تعلم أن الحب لا يعمّر في حضرتها، لكن هناك من يجد سعادته في حبك دون أهداف معينة، فلماذا تحرمه من هذا الحب الذي تلصقه دائما بالمصالح الشخصية..؟ - نعم، هي أنانية لا بد منها. .. – أنانية طبعا، لكنني أعلنت انتمائي إليها. .. - الواقع يفرض تقديم مصلحتي .. - المعني بالحب بالنسبة إلي من كان نافعا لي و إلاّ، فلماذا أحبه..؟ يا للهول مصلحة شخصية و فقط؟؟ كانت تتحدث في قرارة نفسها و الألم ينخر لأعماقها ثم واصلت المتابعة، فتقف عند سؤالها الموجه إلى طفل صغير: هل تحب والديك؟ و لماذا؟ رد: طبعا أحبهما لأنهما لا يبخلان علي بأي شيء أطلبه.. و لأحد الأزواج: هل تحب زوجتك ؟ و لماذا؟ بالطبع لا انكر حبي لها، فهي تملك ما لا أستطيع انا توفيره ماديا و بذلك ضمنت راحتي.. أما جواب إحدى الزوجات حول نفس السؤال: بكل تأكيد ، فحبي له ينمو و يزهر مع كل يوم جديد ثم دنت منها قليلا و تحدثت إليها بصوت خافت: صراحة أحب فقط ما تحمل جيوبه تتزين بها حياتي.. كانت 0خر لقطة شهدتها من عملها قبل أن تمد يدها إلى زر الحاسوب توقفه و أعماقها تطلق تنهدات لاهبة ملتهبة.. تتأوّه في حزن عميق ..0اااه ، أيها الحب.. ما أبخسها من لعبة تمثيلية تمارسها ضدك الأنانية حفاظا على مصالحها التي لا تأبه لكيانك الطاهر الطهور.