كثيرة هي العوائق و المنغصات التي صارت تثني عزيمة تقدّم الاقتصاد في الجزائر ، أو على الأقل بلوغه مرتبة مشرّفة حتّى و لو بقي فيها ردحا من الزمن، و بعد كوارث التهرب الضريبي يأتي الدور على تضخيم الفواتير ، الذي صار يمتهنه المستوردون و أيضا المستثمرون في الداخل و التجّار و غيرهم ، و هذا الوضع يعود بالذاكرة إلى فضيحة تضخيم الفواتير و هي التهمة التي توبع من خلالها عديد من مسؤولي سونلغاز منذ سنوات و هي الفواتير التي قدّرت آنذاك ب 1000 مليار سنتيم.. فالآليات التي وضعتها الدولة من أجل وقف التلاعب بالعملة الصعبة و استنزافها بغير وجه حق و بطرق ملتوية ، كثيرة و لكن المتحايلين دائما يجدون الطرق و الوسائل من أجل النفاد إلى مبتغاهم من خلال تضخيم الفواتير و التهرب من دفع الضرائب ، و هو ما يؤدي حتما إلى إضعاف خاصة عندما يتعلّق الأمر بالاستيراد. و كان لزاما التكوين باستخدام آليات دولية تسمح بتقدير ذلك التضخيم و الوقوف في وجه المتلاعبين بالاقتصاد الوطني . و كانت وزارة التجارة قد كشفت منذ بضع سنوات أنّ قيمة العملة الصعبة المهربة إلى الخارج تجاوزت 20 مليار دولار، بسبب الكثافة التي يزال يزاول بها المستوردون المحتالون نشاطهم و هدفهم إغراق السوق بالبضائع المستوردة و المضخمة فواتيرها إلى حدّ غير معقول ، و هذا لا ينفي بأيّ شكل من الأشكال التواطؤ و المشاركة التي تقوم بها مؤسسات و إدارات أخرى في البلاد فالأمر يتعلّق بسلسلة غش طويلة و متشعّبة ، كما أعلنت مصالح الجمارك قبل سنتين أن قيمة العملة الصعبة المهربة خلال 6 أشهر وصلت إلى حدود 4 ملايير دولار على الرغم من الإجراءات الاحترازية لمحاربة هذه الظاهرة ، و التي صارت طريق المستوردين في الثراء . و يقول خبراء في المجال أن ظاهرة التضخيم التي صارت تطال فواتير الاستيراد قد ألحقت ضررا لا مثيل له على الاقتصاد و احتياطي الصرف في البلاد ، رغم الوضع الهش الذي يعانيه الاقتصاد الوطني جرّاء التقلبات الخطيرة في أسعار النفط ، المصدر الأول للجزائر في تحقيق العملة الصعبة. و عليه لابد من الشفافية في إدارة المال العام، خاصة بالنسبة لاستيراد المواد، إضافة إلى الاستعانة بالخبرة في سياسة الجباية على المواد المستوردة و إخضاع أسعارها في بلد المنشأ للتحقيق و المقارنة لمحاربة تضخيم الفواتير. القضية التي ساهمت بشكل رهيب في تكسير الاقتصاد الوطني ، و مثل هذا الإجراء سيعزز آلية التخلص من تهريب العملة الصعبة .