يحيي الشعب الصحراوي هذا الخميس ، الذكرى ال44 لاعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في أجواء تطبعها عزيمة لا تلين للشعب والحكومة على استكمال خريطة الوطن وانتزاع أجزاءه المتبقية من تحت الاحتلال، عبر السبل القانونية التي تضمنها لهم المواثيق والشرعية الدولية. ففي ظرف تطبعه المكاسب القانونية والدبلوماسية على المستويين الدولي والقاري لصالح قضيته، يحيي الشعب الصحراوي ذكرى اعلان الجمهورية الذي استطاع طيلة أربعة عقود من الزمن من بناء مؤسساتها الوطنية بعزم قوي وتضحيات يقدمها كل فرد من أبناءه. وقال الشعب الصحراوي كلمته عاليا وكان واضحا في عزمه على مواصلة الكفاح والدفاع عن أراضيه ضد القوة الاستعمارية. وكان المؤتمر الخامس عشر لجبهة البوليساريو في شهر ديسمبر الماضي، أفصح عما وصف ب"الموقف التاريخي" للجبهة والمتعلق بمراجعة علاقتها مع البعثة الاممية "المينورسو" حتى تضطلع بدورها، المتمثل فى التعجيل بتنظيم استفتاء حر وعادل ونزيه يضمن للصحراويين حقهم في تقرير المصير والإستقلال. وتسعى الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بخطى ثابتة في بناء أسس دولة تكون في مصاف الامم، تواكبها في التطور والتنمية وتحرص على تنفيذ متطلبات العيش الكريم لابناءها بالامكانيات المتاحة لغاية استكمال السيادة على كامل ترابها. وكانت الجمهورية الصحراوية على مدى الاشهر الماضية صوتا بارزا في العديد من المحافل الاقليمية والدولية الهامة, قدمت خلالها مطالبها وأكدت على قوة واصرار الشعب الصحراوي في النضال حتى الاستقلال. فيما يجابه المغرب بالمقابل، حقيقة واقع لن يتغير بشأن حل النزاع في الصحراء الغربية يعكسه بوضوح موقف المجتمع الدولي ويستند لقرارات الشرعية الدولية التي تؤكد حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره والاستقلال. وتجدر الاشارة هنا الى البيان الصادر مؤخرا عن الاتحاد الافريقي والاممالمتحدة بعد اجتماع لجنتهما للتنسيق ضمن الإطار المشترك لترقية السلام والأمن والذي جددت فيه الهيئتان تمسكهما بالشرعية الدولية في إطار المساعي التي يبذلها المجتمع الدولي من أجل تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية آخر مستعمرة في إفريقيا. ورحبت جبهة البوليساريو بهذا الموقف الافريقي-الاممي الذي يأتي في وقت تحاول فيه فرنسا من داخل مجلس الأمن الدولي وإسبانيا من خارجه العمل على تحوير المسلسل الاممي-الافريقي عن مساره وتغيير الطبيعة القانونية للقضية الصحراوية في "تواطؤ مفضوح مع المحتل المغربي". == استكمال سيادة الجمهورية, الهدف الأسمى == وياتي احياء الذكرى ال44 لإعلان الجمهورية الصحراوية في محطة هي الاكبر, بعد المؤتمر ال15 لجبهة البوليساريو, حيث يعتبر احيائها أول الخطوات الفعلية لتجسيد شعار مقررات المؤتمر ال15 للجبهة والذي تم خلاله التشديد على ضرورة العمل الميداني الجاد و الشفاف من أجل استكمال السيادة على كامل تراب الجمهورية الصحراوية. وبالمناسبة دعا الشعب الصحراوي بكافة اطيافه الى التجنيد و التصدي لكافة "مؤامرات و سياسات نظام الاحتلال المغربي و التي يحاول من خلالها ضرب وحدة الشعب الصحراوي و تشتيت صفه". وهذا ما أكد عليه المسؤولون الصحراويون في هذه المناسبة من أجل التصدي لسياسات الاحتلال المغربي الذي لا زال "يسبح في مياه عكرة" عبر محاولاته اليائسة لايجاد من يعترف بسيادته الوهمية والمزعومة على الصحراء الغربية، من خلال فتح تمثيليات و تنظيم انشطة رياضية بالاراضي الصحراوية. وبدأت فعاليات احياء الذكرى منذ أيام عبر تنظيم منابر شعبية أكد خلالها المشاركون وقوفهم خلف ممثلهم الشرعي والوحيد, الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و واد الذهب "البوليساريو". كما عبروا عن تضامنهم المطلق مع جميع الأسرى السياسيين الصحراويين القابعين في سجون الاحتلال المغربي، لاسيما معتقلي أكديم إزيك والصف الطلابي ونشطاء انتفاضة الإستقلال في المناطق المحتلة. وكانت هاته التظاهرات منبرا أيضا لحث المغرب مجددا من اجل انهاء احتلاله للاراضي الصحراوية وإغلاقه الفوري لمعبر الكركرات الذي يستخدمه لاستنزاف الثروات الطبيعية للشعب الصحراوي, وإزالة جدار الذل والعار وفتح المناطق المحتلة أمام المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الدولية. وتزامنا مع الذكرى انطلقت أول أمس الثلاثاء بمخيمات اللاجئين الصحراويين تظاهرة "صحراء ماراتون" التي دأبت وزارة الشباب والرياضة الصحراوية على تنظيمها منذ حوالي عقدين, بمشاركة أكثر من 400 عداء من مختلف دول العالم. للإشارة، فإن الصحراء الغربية مدرجة ضمن الأقاليم ال17 لدى اللجنة الأممية الخاصة بالمسائل السياسية وتصفية الإستعمار, ولا يزال شعبها ينتظر الوعود الأممية بتنظيم استفتاء حر، عادل ونزيه يمكنه من تقرير مصيره بنفسه, كما جاء في اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991 بين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية. وترجع ذكرى وضع اللبنة التأسيسية للدولة الصحراوية إلى يوم 27 فيفري 1976، حيث تمّ الإعلان عن تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية من طرف جبهة البوليساريو ببئر لحلو المحررة وذلك بعد مغادرة آخر عسكري إسباني للتراب الصحراوي، ليدخل فيما بعد الصحراويون في حرب تحريرية جديدة ضد المحتل المغربي، انتهت بالتوقيع سنة 1991 على اتفاق وقف إطلاق النار على أساس مخطط التسوية السلمي الأممي. لكن رغم مرور أزيد من عقدين على الانخراط في عملية السلام، ما زالت القضية الصحراوية بدون حل، و لا زال الصحراويون يطالبون بحقهم في تقرير المصير وكلّهم عزم على استعادة أرضهم مهما طال الزمن وثقلت التضحيات.