المصيبة لا تأتي منفردة فالواقع أثبت أنّها تجرّ معها لواحقها ، و إذا كان وباء كورونا قد أخلط حسابات الأسواق النفطية المتأرجحة أصلا فإنّ عدم الاتفاق داخل أوبيك و لا أوبيك + قهقر سعر برميل ب 30 بالمائة ما أدى آليا إلى هبوط الأداء المالي لدى الشركات الكبرى. أضف إلى ذلك أن الشركات النفطية الكبرى ستدخل في عتمة الديون و خدمتها و هي أصلا مدٍينة ب 88 مليار دولار خلال هذه السنة ، و قالت تحاليل كثيرة أنّ ذات الشركات تشكو التعثر في أداء الدين. و كان خام البرنت الأكثر عرضة لهبوط السعر نتيجة الضغوط مسجلا نزولا فوصل إلى 30 دولار ، في انتظار مزيد من الانخفاضات. و كما جرت العادة فإن الولاياتالمتحدة في مثل هذه الظروف لا تبيع نفطا بل تدعّم مخزونها بالشراء و التخزين من أجل "تسمين" احتياطها الاستراتيجي . و مع الانتشار السريع لفيروس كورونا و سباق واشنطن لملء احتياطها باعتبار الولاياتالمتحدة أكبر مستهلك، تراجعت الأسعار كثيرا خلال عديد التداولات. باعتبار الاحتياطي البترولي الاستراتيجي يتضاءل مقارنة بسوق مبتلى بالفيروس و هذا الأثر السلبي يقاس بالشهور ، فإنّ المخزون الاحتياطي في الولاياتالمتحدة يبلغ 634 مليون برميل و الطاقة الاستيعابية للاحتياط تصل إلى 714 مليون برميل و تنوي واشنطن رفع ميزانية الاحتياط ب 700 مليار دولار . و يُتوقع مزيد من الهبوط و اختلال في العرض و الطلب مخافة ما ستكون عليه الأيام المقبلة و سرعة انتشار الوباء ، أضف إلى ذلك مخاوف زيادة الإمدادات بعد أن سارعت السعودية ، أكبر منتج للنفط في أوبيك إلى رفع الإنتاج و خفض السعر لنزيد في حجم البيع لآسيا و أوربا و بالتالي محاولة التأثير على بيع و مداخيل روسيا إنكماش الطلب و متوقع أن ينكمش الطلب العالمي بثمانية ملايين برميل يوميا نهاية هذا الشهر ، ليبلغ التراجع السنوي 1,1 مليون برميل يوميا خلال السنة الجارية ، و من جانب آخر له علاقة بالعرض و الطلب ، أثر الفيروس بشكل كبير على الطلب على الطاقة في جميع أنحاء العالم، وخاصة في الصين، التي تعد اليوم المستورد الأكبر للنفط الخام، حيث تستهلك حوالي 10 ملايين برميل يومياً ، وقد تعطلت المصانع وألغيت آلاف الرحلات الجوية حول العالم. وقالت وكالة الطاقة الدولية إنها تتوقع تراجع الطلب هذا العام لأول مرة منذ الركود الاقتصادي في العام 2009 الذي تبع الأزمة المالية العالمية ، و التي أحدثتها الولاياتالمتحدة أيضا زمن إدارة بوش دبليوو. و يتوقع العارفون بالسوق النفطية أنّه لن تستفيد أي من الدول مما يحدث، إذ ستخسر الدول الرئيسية المنتجة للنفط مبالغ طائلة بصرف النظر عن حصتها في السوق. وتدعي روسيا أنها الأكثر عزلة في ما يتعلق بانخفاض الأسعار لأن ميزانيتها السنوية تعتمد على متوسط سعر يبلغ حوالي 40 دولاراً للبرميل ، و عدم الاتفاق بين المنتجين داخل أوبيك أو حلفائهم سبب أوّل في تدني السعر و بالتالي تهديد دول بالإفلاس .