في البدء كانت وهران.. وكنت صغيرة بضفائر وخمائل.. في البدء وهران وضريح الوليّ سيدي الهواري تؤمُّه النّساء تشكوا همومهنّ يشعلن شمعا ويتفقدن المكان بالبخور والحواشي ..يثرثرن خفية عند الشاهد مثل شجرة الميمُوزا.. في وقت غارب.. لهنّ انكسار القوارير يهدهدن حرير المقام الأخضر فوق المقام.. ثم تدسّ كل واحدة منهنّ قليلا من المال في يد خادمة النّوايا.. ووصايا الجد.. المبارك.. لا أحد أرفق بهنّ أو أوصى بهنّ خيرا .. في البدء وهران ميعاد المنيّة وتساهيل البياض.. كلما ذُكر اسمها.. أرتجف..النبوغ مثل الدراويش الهائمة في زقاق يخبو لضمور في وردة الرّوح,, ومن ضاقت بهم الدنيا ففردن أيديهن تلك العجائز اللائي تفترشن الأرض عند مدخل المقام وتغدقن المارّة بالأدعية طلبا للرزق .. وكلَّما جسّ نبضهنّ هسيس الغيم.. تشقَّقت جدبا ورجاء.. حواري ضيقة كأزمة في نُبل الاشتياق, ورائحة لا أدري من أيِّ بَهو من السّماء تدفقت رائحة لا تشبه إلا وهران فحسب.. سَميتها إلياذة عشق منذ أفانين تلك النّسوة بنُهود معطوبة وذلّ يختلط بتعففِّ كعوب على أدراج سيدي الهواري , كمائن منصُوبة بأذيال "الحَايك" المنذثر لم يبقى من حفيفه الفاقع مثقال ذلك الحياء المارق ومن سقوط "لعْجَار" من على وجه يغشاه مقدارا من عُروش الدوالي والنعناع في ليلة صيف آفلة...