أكد وزير التعلم العالي والبحث العلمي, عبد الباقي بن زيان, الخميس بالجزائر العاصمة, على ضرورة اعتماد استراتيجية متعددة المراحل والأبعاد من أجل إعادة شعبة الرياضيات إلى مكانتها في المشهد المؤسساتي الجامعي وتكريسها لدى الوعي الطلابي. واستعرض الوزير في كلمة له خلال لقاء نظم بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للرياضيات تحت شعار "الرياضيات في علوم الهندسة ", كل "التدابير والإجراءات العملياتية التي اتخذها القطاع من أجل تطوير تعليم مادة الرياضيات وحث الطلبة من حاملي شهادات البكالوريا إلى التسجيل فيها". وفي هذا الإطار, ذكر السيد بوزيان في هذا اللقاء الذي عرف حضور عدد من أعضاء الحكومة, بأنه تم أيضا "التفكير حول مراجعة كيفيات التوجيه في ميدان الرياضيات لحاملي شهادة البكالوريا عموما وحاملي شهادة البكالوريا في الرياضيات خصوصا وذلك ضمن المسعى العام الهادف إلى مراجعة شروط وكيفيات التوجيه الجامعي بدءا من 2021-2022". كما تم في هذا المسعى --يضيف الوزير-- "اقتراح إحداث منحة تميز ضمن مشروع القانون لتمهيدي المتعلق بالمبادئ العامة للتعليم العالي والذي هو حاليا في مراحل الإعداد الأخيرة", مشيرا إلى أن هذه المنحة "سيستفيد منها بصفة أولية الطلبة الذين سيتم توجيههم إلى التكوين في الرياضيات". وشدد السيد بن زيان في نفس الصدد, على ضرورة "تعزيز الصرح المؤسساتي الجامعي المهيأ لاستقبال الطلبة في الرياضيات وكذا لاحتضان تكوينات حديثة ذات علاقة بها عبر إحداث مدرسة عليا في الذكاء الاصطناعي ومدرسة عليا في الرياضيات بدءا من الموسم الجامعي المقبل بالقطب التكنولوجي الجديد +سيدي عبد الله+ نظرا لما سيوفره هذا القطب من بيئة متكاملة حاضنة لكل المؤهلات والإمكانات التي من شأنها توفير الظروف الملائمة للدراسة والعمل وفقا للمعايير الدولية". وأكد ممثل الحكومة كذلك على وجوب "تحضير عمل تنسيقي مع قطاعات النشاط المختلفة من أجل استقاء قوائم المهن الموجودة حاليا أو المرغوب في تطويرها مستقبلا والتي تتدخل الرياضيات في تكوينها القاعدي أو تساهم في تطويرها", مبرزا أهمية تعميم هذا العامل على مجالات البحث في القطاعات المهتمة بالبحث التطويري وهذا ما سيمنح للرياضيات "مرئية أكثر ومقروئية أكبر في السياق الوطني الاقتصادي العام". وذكر الوزير بالمناسبة إن "الأزمة التي تعاني منها شعبة الرياضيات بسبب ضعف إقبال الطلبة عليها", مؤكدا بأن "نسبة 5ر4 بالمئة فقط من ناجحي شهادات البكالوريا الجدد يقبلون على التسجيل في هذا التخصص وفي الإعلام الآلي" مع الإشارة إلى أن "19 بالمئة فقط من هؤلاء حاملون لشهادة البكالوريا في شعبة الرياضيات". وقال الوزير في هذا الإطار بأن نسبة "90 بالمئة من ناجحي البكالوريا بالثانوية الجزائرية للرياضيات بالقبة يتوجهون نحو تخصص آخر في التكوين الجامعي وفي العلوم الطبية مذكرا بأن العدد الإجمالي للتخصصات التي تتيحها الجامعة في الرياضيات تقدر ب54 تخصصا منها 50 بالمئة عبارة عن تخصصات كلاسيكية". وقدر عدد الباحثين بالمؤسسات الجامعية --حسب الوزير-- ب"4343 باحثا موزعين على 65 مخبر بحث في الرياضيات علما بأن 50 بالمئة من هؤلاء الباحثين هم طلبة دكتوراه مما يؤكد ذلك وجود عنصر بشري فتي قيد التكوين من شأنه ضمان الديناميكية الحالية لهذا العلم وتطويره". ولدى تطرقه إلى الإنتاج العلمي ذكر الوزير بأن "الجزائر ساهمت خلال العشر سنوات الأخيرة ب4650 إنتاج علمي في أشكال وصيغ مختلفة سمح لها باحتلال المرتبة ال40 عالميا وبالتموقع ضمن أفضل ثلاثة دول إفريقية وهذا ما يمثل نسبة 16 بالمئة من الإنتاج العلمي فقط". واعتبر الوزير هذا اللقاء "فرصة مواتية من أجل الانخراط في المسعى الدولي الهادف إلى تكريس علم الرياضيات ليس كتقنيات فقط بل كأداة من أدوات في شتى جوانب الحياة", مؤكدا بأن "الرياضيات حاضرة في مختلف العلوم التكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية والإدارية", مما يستلزم تطويرها وتكريسها في التكوين المعرفي والعلمي وفي الذكاء الاصطناعي.