في إطار مهامها الدستورية و القانونية شرعت السلطة المستقلة للانتخابات في تنفيذ العمليات التحضيرية للانتخابات المحلية المسبقة ليوم 27 نوفمبر المقبل, ملتزمة في ذلك بكل ما من شأنه إضفاء المزيد من الشفافية و المصداقية على أعمالها , ومن خلالها على سير الانتخابات ككل و فق ما نص عليه القانون العضوي المعدل المتعلق بنظام الانتخابات و لعل في حرص الدكتور شرفي محمد رئيس السلطة المستقلة الانتخابات, على تتبع كل خطوات العملية الانتخابية منذ تنصيب هيئته , و إشهاد الرأي العام عليها من خلال وسائل الإعلام المختلفة, و إشعار و تبليغ الجهات المختصة أو المعنية بها مباشرة , ما يؤكد الالتزام بتوفير شروط الشفافية لاستكمال بناء المؤسسات المنتخبة على المستوى المحلي. إذ مباشرة بعد استدعاء الهيئة الناخبة من طرف رئيس الجمهورية ,سارع رئيس السلطة إلى إجراء حركة جزئية في سلك منسقي المندوبيات الولائية للسلطة المستقلة ,كما حرص نفس المسؤول على إصدار كل القرارات المتعلقة باستمارات اكتتاب التوقيعات الفردية, و استمارات التصريح بالترشح ,و تبليغ منسقي السلطة عبر الولايات و في الخارج بالإجراءات العملية لإيداع الترشيحات طبقا لأحكام القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات, حيث صدر عن السلطة المستقلة للانتخابات أكثر من 14 قرارا في هذا المجال , بدءا بقرار يحدد سير لجان مراجعة القوائم الانتخابية , و انتهاء بالقرار المحدد لكيفية إيداع قوائم المترشحين لانتخاب أعضاء المجالس المنتخبة البلدية و الولائية , مرورابقرارات تنظيمية أخرى تتعلق باستمارة اكتتاب التوقيعات الفردية ,أو تجديد الترشيح تعويضا لمن حال مانع شرعي لترشحه , أو قرار توزيع الأرقام التعريفية لقوائم المترشحين الحزبية منها و المستقلة ,و قرار يحدد كيفيات إشهار الترشيحات , و قرار يحدد قواعد تنظيم مركز و مكتب التصويت , و آخر يحدد شكل و شروط إعداد الوكالة للتصويت... و غيرها من القرارات التي أصبحت جزءا من النشاط التنظيمي للسلطة المستقلة للانتخابات و لأن هذه السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات , هي ثمرة تجارب و آليات عديدة في مجال مراقبة الاستحقاقات الانتخابية , فقد حاول المشرع الجزائري تفادي كل الثغرات التي عرفتها الآليات الثنائية و المختلطة التي طبقت في زمن الانتخابات التعددية , و الحفاظ على الإجراءات المفيدة لسير العملية الانتخابية . قانون الانتخابات أمام إشكالية جديدة خلال دسترة السلطة و منحها الاستقلالية التامة و الصلاحيات القانونية و التنظيمية الواسعة في "السهر على شفافية و مصداقية الانتخابات الرئاسية و التشريعية و المحلية و الاستفتاء بدءا باستدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية الإعلان عن النتائج المؤقتة للاقتراع".كما وضعت تحت تصرفها كل السلطات التي يمكنها تقديم الدعم لها في تنفيذ و احترام قراراتها المرتبطة بضمان السير الحسن للاقتراع , و كذا توفير الظروف المواتية لإجرائه في شفافية تقوي النتائج المنبثقة عنه بالشرعية الشعبية. رغم ما تميزت به هذه السلطة من مزايا , إلا أنها لا تنجو من انتقادات قلة من الأحزاب و الشخصيات الدائرة في فلكها بحجة أنها جزء من نظام الحكم , خلافا لما يراه الملاحظون المحايدون الذي يعتبرون السلطة المستقلة مكسبا في تاريخ الانتخابات الجزائرية و يتوقعون أن تلعب دورا كبيرا في إضفاء الشفافية على العمليات الانتخابية, و من شأنها أن تسكت بذلك الكثير ممن تعودوا تبرير هزائمهم بالتشكيك في نزاهة العملية الانتخابية و الحديث عن التزوير و التجاوزات. إذ بدأت الانتقادات تستهدف خاصة بعض الإجراءات التنظيمية , التي تبادر بها السلطة , بهدف تسهيل مهامها , و لكنها بالمقابل تحمِّل الأحزاب أو المستقلين أعباء قد تفوق إمكاناتهم , و خاصة منها تلك المتعلقة أو المعتمدة على تقنيات الرقمنة , الأمر الذي قد يفرض على الأطراف المعنية بالعملية الانتخابية العمل المشترك لإيجاد أرضية للتوافق على الإجراءات التنظيمية الأقل تعقيدا بالنسبة للجميع ,حتى لا يقتصر مثل هذا التوافق على ميثاق الأخلاقيات الخاص بسير العملية و الحملة الانتخابية. إذ لو تم اعتماد أساليب التشاور بين أطراف العملية الانتخابية , لما اصطدمت الانتخابات المحلية المسبقة الحالية بإشكالية "البلديات التي لم تترشح بها أي قائمة سواء من الأحزاب أو المستقلين ,أو البلديات ذات القائمة الوحيدة" و هي إشكالية لم يتطرق لها قانون الانتخابات المعدل, مما يفرض معالجتها ضمن تعديل آخر لذات القانون. و مع ذلك فإن العملية الانتخابية ستتواصل وفق الرزنامة المحددة لها سلفا , باستمرار فترة الطعون في الترشيحات إلى غاية 31 أكتوبر الجاري , و تجديد الترشيحات المرفوضة قبل 28 من نفس الشهر , و إعداد وكالات التصويت إلى غاية 23 نوفمبر , و الحملة الانتخابية بين 4و 23 من نفس الشهر , ثم الصمت الانتخابي لمدة 3 أيام قبل يوم الاقتراع , على أن تعلن النتائج الأولية 48 ساعة بعد استلام محاضر اللجان الانتخابية. و هكذا بعد الاستفتاء على الدستور الجديد ثم الانتخابات التشريعية جاء الآن الدور على تجديد المجالس المحلية البلدية و الولائية خلال الانتخابات المحلية الجارية, التي لا تقل أهمية عن الاستحقاقات السابقة, التي جرت في ظل النظام السياسي المنبثق عن الحراك الشعبي كونها مدعوة لتجسيد الإصلاحات محليا.