أثار عرض فيلم "خارج عن القانون" في مهرجان كان يوم أول أمس الجمعة جدلا كبيرا في أوساط فئة معينة من الفرنسيين حيث تظاهر حوالي 900 شخص من ضمنهم جنود سابقون وأنصار للجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة وقاموا بمسيرة أمام بلدية كان بجنوب فرنسا وقد تراصّت قوات الشرطة بتجهيزات مكافحة الشغب خارج قاعة المهرجان للتصدي لأي طارئ. ويبدو أن هؤلاء يرفضون الإعتراف بحقيقة أن فرنسا سلكت طريق الإضطهاد والدّمار في تعاملها مع الجزائريين، وهذا هو المغزى الذي سعى إلى تجسيده المخرج بوشارب الذي قال أنه يأمل أن يساعد فيلمه في الدفع باتجاه نقاش مفتوح ، وعندها يجب أن ننتقل إلى أمر آخر.. وليس هناك منطق في أن ترث الأجيال المتعاقبة الماضي بهذا الشكل. وهكذا ينفي صنّاع الفيلم أن يكون عملهم هذا معاديا لفرنسا وقالوا إنهم لا يعتقدون أن أغلب الشعب الفرنسي سيعتبره كذلك. أما أطوار الفيلم فتبدأ في حدود سنة 1925 بمشاهد متصارعة ومقدمة شيّقة لما سيلي من أحداث ، لينقلنا بعدها مباشرة إلى مظاهرات 8 ماي 1945، ليختتم بمظاهرات 17 أكتوبر 1960التي شهدت استشهاد مسعود ثم عبد القادر ليبقى سعيد وحيدا يتمتع بشمس الحرية التي سطعت في الخامس جويلية 1962 وانتصار الحق على الباطل. والحق يعدّ خارج عن القانون ملحمة فنية سينمائية سلطت الضوء على المألوف والمعروف بين الجزائريين والمسكوت عنه في الجانب الفرنسي. الفيلم كشف حقيقة ما حدث آنذاك بالصوت والصورة مستندا في بعض الأحيان باللقطات الأرشيفية مسلطا الضوء على جزء قليل من الجرائم المتعددة والمتنوعة المرتكبة في حق شعبنا الأعزل مثل مجازر الثامن ماي 1945والتفجيرات والإغتيالات والمداهمات التي طالت المهاجرين الجزائريين والتي انتهت بقمع مفضوح لمظاهرات 17 أكتوبر 1960 بباريس ورمي الجزائريين بنهر "السين" وهي الجرائم التي ترفض فرنسا الرسمية الإعتراف بها والإعتذار عنها وتعويض المتضرّرين منها، ولذا نجد اليوم بقايا هذا التعنت يتظاهرون ويناهضون أية حقيقة يكشف ما اقترفته أيادي مجرميهم في وطننا العزيز، ولا شك أن التاريخ الصامد والثري بالوقائع سيكشف لهؤلاء ولمن وراءهم بشاعة الإستعمار الذي يجب إنتاج آلاف الأفلام لفضح خباياه وجرائمه. وتجب الإشارة في الأخير أن بوشارب قد برع في اختيار ممثلين مغاربيين، وهو يتنافس تحت العلم الجزائري، وهو رهان على تحقيق مفاجأة الدورة ال 63 لمهرجان كان الذي يختتم سهرة اليوم بافتكاكه إحد ى جوائزه، فهل يحقق مخرجنا ما حققه الجزائري الأخ لخضر حمينة بفوزه بالسعفة الذهبية للمهرجان في عام 1975. وللملاحظة فقط، فكلما تم كشف ملابسات خفية للإستعمار ظهرت في فرنسا أصوات يمينية، تحتج، وتطالب بالقصاص والحقيقة في كل هذا أن هذه الفئة وهي منبوذة داخل فرنسا يراودها الحنين للرجوع إلى الجزائر ولو على أشلاء الفرنسيين ذاتهم، أما التاريخ فيواصل مجراه ولا أحد باستطاعته طمس الحقائق.