ضاق مسرح الأضواء الكبير صباح أمس بجمهور جاء إلى قصر المهرجان بالمئات لمشاهدة العرض الأول للفيلم الجزائري "الخارجون عن القانون" للمخرج رشيد بوشارب، وذلك تحت حراسة مشددة لم يعدها رواد مهرجان كان. * شهد وسط مدينة كان الفرنسية منذ الساعات الأولى من صباح أمس انتشارا غير مسبوق للعشرات من رجال الشرطة والدرك الذين طوقوا قصر المهرجان حيث احتضن مسرح الأضواء الكبير العرض الأول ل "الخارجون عن القانون"، المرشح في المسابقة الرسمية للدورة الثالثة والستين من أكبر مهرجان سينمائي في العالم . * جاءت هذه الإجراءات الأمنية الخاصة كنتيجة حتمية لأسابيع طويلة من الجدل اتهم فيها بعض اليمينيين واليمينيين المتطرفين الفيلم ب "الإساءة إلى فرنسا" مما دفع ببعضهم إلى مطالبة إدارة مهرجان كان بمنع عرضه وبالبعض الآخر إلى برمجة وقفة بالمدينة الفرنسية المخملية في نفس توقيت عرض الفيلم ظاهرها الاحتفال بذكرى المحاربين القدامى وباطنها التشويش على العرض، غير أن رئيس بلدية كان قرر إبعاد الوقفة خارج المدينة وبعيدا عن مركزها بما لا يقل عن 3 كم . * ومن خلال العدد الهائل من الصحفيين والدعوات التي نفذت أياما قبلها أمكن التأكيد على أن عرض "الخارجون عن القانون"، الذي انطلق في حدود الثامنة والنصف صباحا، حتى وإن خرج من المسابقة بخفي حني، إلا أن مروره بالدورة الثالثة والستين من مهرجان كان لم يكن عاديا، ليس فقط لأنه صنع الحدث أسابيع قبل عرضه، ولكن لأن مخرجه هو رشيد بوشارب، صاحب روائع "ليتل سينغال" و"آنديجان" و"لندن ريفر"، ولأنه سجل العودة القوية للجزائر إلى المهرجان، الذي تتفرد عربيا بشرف الحصول على سعفته الذهبية, * ويروي فيلم بوشارب قصة الإخوة الثلاثة، عبد القادر، الذي لعب دوره النجم التونسي سليم بوعجيلة، وسعيد، الذي تقمص شخصيته النجم المغربي جمال دبوز، ومسعود، الذي لعب دوره الممثل المغربي رشدي زام، الذين يطردون من أرضهم رفقة والدهم، أحمد بن عيسى، وأمهم، شافية بوذراع، قبل أن يقتل جنود الاحتلال وميليشيا المعمرين هذين الأخيرين ومعهما بناتهما في مظاهرات 8 ماي 1945 . * بعد الثأر من القايد، العربي زكال، يأخذ سعيد والدته إلى فرنسا حيث يستقران ببيوت نونتير القصديرية ثم التحق بهما عبد القادر، الخارج من سجن "لاسونتي" أياما بعد اندلاع ثورة التحرير، ومسعود، العائد من حرب الهند الصينية حيث فقد عينه. * تلقى عبد القادر تكوينه السياسي في السجن وكلف من طرف جبهة التحرير بنقل الثورة إلى فرنسا، ومن باريس أنشأ أول خلية رفقة شقيقه مسعود بعد أن رفض سعيد الفكرة . * وينتهي الفيلم، الذي مازج حواره بين الدارجة والفرنسية، والذي جاءت بعض مشاهده مكرمة للداعمين للثورة من الأوروبيين، باستشهاد مسعود ثم عبد القادر في مظاهرات 17 أكتوبر 1961، بعد معارك طويلة ودامية خاضاها ضد عناصر الحركة الوطنية الجزائرية والحركى ومخابرات الاحتلال الفرنسي . * ومن بين المشاهد المؤثرة جدا في بداية الفيلم، مشهد اقتياد أحد مناضلي جبهة التحرير الوطني إلى المقصلة بسجن لاسونتي في باريس، تحت الصيحات المدوية لرفاقه يرددون نشيد "قسما".. النشيد الوطني الجزائري يردد في شهر ماي بأرقى قاعة في أكبر مهرجان وبأشهر مدينة فرنسية.