ما زالت جرائم المنظمة الإرهابية الفرنسية »لواس« تشكل موضوع عدة كتابات ولقاءات تحليلية من لدن مناضلين ومجاهدين جزائريين، عايشوا تلك الفترة العصيبة من شهر مارس 1962 أين كان فيه وقف إطلاق النار ساري المفعول، بمناسبة مفاوضات إيفيان المنعقدة في 18 مارس 1962، وإستغلت تلك المنظمة الإرهابية الإجرامية ذلك الوضع لتقترف ما يندى له الجبين، في الشعب الجزائري لا سيما في المدن، كوهرانوالجزائر العاصمة، وتفنن أعضاء ذلك التنظيم المجرم في نسف المنازل على رؤوس أصحابها، وتحطيم أملاك الجزائريين خصوصا وأن الجنرال صالات السفاح، أعلن تمرده عن ديغول، حينما تأكد أن الشعب الجزائري متمسك أكثر من أي وقت مضى بحريته وإستقلاله. وكان عدة مجاهدين بمثابة شهود عيان على تلك الحقبة السوداء لا سيما بمدينة وهران التي يروي عنها المجاهد بن عبورة محمد إبن مدينة وهران، أحد المجاهدين الذين أدوا واجبهم النضالي كبقية إخوانه الجزائريين وأخواته الجزائريات، حيث يروي لنا هذا السجين السابق في عهد الإستعمار بسجن وهران والأصنام إذ ألقي عليه القبض في جانفي 1957 وأطلق سراحه في جويلية 1961 وإستأنف نشاطه النضالي السري في منطقة وهران إبتداء من سبتمبر 1961 مع شبكة سي عبد الحميد، ليوجه كما أضاف لنا، لحي الدرب تحت رقم "60" وقال المجاهد بن عبورة أن »لواس« الإجرامية كانت بخمسة عشر الى عشرين إعتداء يوميا ضد مواطنينا العزل فكانوا يقتلون كل شيء يتحرك مطبقين سياسة الأرض المحروقة خصوصا، مع فرار المجاهد سي الجيلالي من السجن بعد الحكم عليه بالإعدام، فكان هذا اليوم رمزي بالنسبة لنا، كما قال، لأنه تحدى كل شيء خصوصا السلطات الفرنسية بما في ذلك الجيش الفرنسي، وقال سي بن عبورة وهو يصف تلك المظاهر الصعبة، أنه في 1 نوفمبر 1961 قمنا بمظاهرة بوهران تنديدا بمشروع أو سياسة تقسيم الجزائر عن الصحراء، لنؤكد تمسكنا بالوطن العزيز، كما شهد ذلك اليوم المشؤوم إغتيال المحامي الشهيد عابد من طرف إرهابيي »أواس« وكان الإخوان يعذبون وينكل بهم من قبل الفرنسيين ليدلوا بإعترافاتهم حول فرار سي الجيلالي، وحرقوا في كناستيل وكان سكان وهران كلهم وعي بضرورة الإستقلال الوطني، وكانوا مستعدين لكل شيء لأجل الوطن وفي هذه الفترة يضيف المجاهد بن عبورة أرسل العقيد عثمان تعليمات لتثبيت سكان وهران في أماكنهم لا سيما الحمري والمدينةالجديدة، لأننا كما أضاف كنا في وضعية هجوم ، ولمواجهة مخططات »أواس« قمنا يضيف المتحدث نحن الفدائيين بهجومات في جانفي 1961 حتى 9 مارس 1962 خاصة شبكة سي عبد الباقي وسي عبد الحميد، فتم تنفيذ أكثر من 830 هجوم فدائي، فقتل فيها حركي ومعاوني الإستعمار، وبخصوص جرائم منظمة »أواس« يقول بن عبورة، أنها كانت وحشية تسميها »الليلة الزرقاء« طبقا لتعليمات الجنرال السفاح صالان، فكانوا يضربون كل حي وكل شيء حيث ما كان. وكمثال على ذلك، قامت جماعة »أواس« بقنبلة الطحطاحة في شهر رمضان الكريم، فكان الإنفجار فظيعا، تطايرت فيه أجساد الجزائريين مخلفة أكثر من 80 قتيلا وذهبت مع صديق لي، يقول المتحدث، وهو سي تيجيني للتحادث مع مسؤول منطقة المدينةالجديدة ومناقشة بعض الأمور التنظيمية وتنسيقها، بعد تلك المجزرة، فكان المنظر حزينا، دخان كثيف في السماء وشظايا الزجاج متطاير ويتذكر سقوط شاب فيها كان يحتضر فذكرته بالشهادة، مع العلم أن التفجير كان بمواد سوداء داكنة وعلى إثر ذلك، قررنا، عدم التظاهر، ونشطنا في السرية، حتى لا نعرقل مفاوضات إيفيان ولا نقع في فخ »أواس« لا سيما مخطط العقيد أرغود لكن بعد ثلاثة أيام قمنا بهجوم بساحة الإنتصارات (عمليات فدائية) وذكر أن منظمة »أواس« حاولت تفجير سجن وهران في تلك الفترة ولم نستكن بل ضاعفنا من هجوماتنا الشجاعة في شهر مارس، وكنا في أمس الحاجة لأطباء وقمنا بإنشاء مراكز طبية سرية، مضيفا، لمعالجة الفدائيين والجرحى كي لا يقعوا في فخ الإستعمار، ويتم تعذيبهم، وقال سي بن عبورة أن التضامن الشعبي كان كبيرا ومؤثرا وبخصوص وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962، يسترسل محدثنا، في القول أنه بالرغم من وقف القتال، فإن المنظمة الإرهابية »أواس« تمادت في غيها، وجرائمها وكان قناصتها يغتالون كل راجل من نساء وشيوخ وشباب، فكانت فترة جد صعبة، فعمدت تلك المنظمة الإرهابية الى إطلاق قنابل »المورتر« من حي بلاطو (الذي كان يسكنه الأوروبيون) وكانت تلك القنابل تقتل وتخرب نعم، ذهب العديد من المواطنين ضحايا تلك الإعتداءات الإجرامية الفرنسية، فوقف إطلاق النار لم نعرفه عمليا بوهران بسبب جرائم »أواس« فكلنا في حاجة للمساعدات الغذائية وكونا نظام الحماية الإجتماعية التابع للجبهة لمساعدة الفقراء والمحتاجين والأسر المتضررة وعلاوة على تلك الأعمال التضامنية، فكان النظام يقوم بأعمال الحالة المدنية، وعلاوة على تلك الأعمال التضامنية، فكان النظام يقوم بأعمال الحالة المدنية كإبرام عقود الزواج بين المواطنين وتسجيل حالات الميلاد، تجنبا للذهاب للسلطات الإستعمارية. وختم المجاهد سي بن عبورة تصريحه وشهادته عن تلك المرحلة بوجوب أن يتعظ الشباب والأجيال الصاعدة بتضحيات الآباء والأجداد وأن الإستقلال أفتك بعد دفع ضريبة غالية وفادحة لأجل عزة الوطن.