التوقيع الرسمي على إتفاقيات إيفيان كان يوم 18 مارس 1962 تعتبر مفاوضات إيفيان وما تمخض عنها من إتفاقيات محطة هامة على مسار الثورة التحريرية الجزائرية لأنها كللت سنوات من الفكاح والنضال الذي أجبر فرنسا على الجلوس الى طاولة المفاوضات وإختيار التفاوض السياسي بدلا من الزج بجيوشها وعساكرها لحرب وقتال جنود التحرير الجزائري، وفي الذكرى الخمسين لهذه المفاوضات نلقي بعض الضوء على وقائع وأحداث تزامنت مع التوقيع على تلك الإتفاقيات من خلال تصفح جريدة ليكودوران في تلك الفترة أي شهر مارس 1962. لقد تم التوقيع على إتفاقيات إيفيان بعد مخاض عسير وجولات صعبة من الحوار وجلسات التفاوض وذلك يوم الأحد 18 مارس 1962 على الساعة الخامسة و55 دقيقة مساء وهو إتفاق على وقف إطلاق النار بين ممثلي الحكومة الفرنسية وممثلي جبهة التحرير الوطني الأفلان . وفي نفس هذا اليوم أي الأحد 18 مارس 1962 أعلن السيد جوكس أمام الصحفيين عن التوصل الى إتفاقيات في إيفيان بين فرنسا والأفلان وأعلن ذلك على الساعة السادسة و30 دقيقة مساء وعلى الساعة السادسة و45 دقيقة مساء أرسل الجنرال أيريه برقية الى الجيوش الفرنسية الموجودة في الجزائر وهي البحرية، وجيش الصحراء والناحية الجوية الخامسة هذا نصها: وقف إطلاق النار يوم الإثنين 19 مارس على الساعة منتصف النهار ويتم تنفيذ تعليمات قرار وقف إطلاق النار في نفس اليوم في نفس الساعة، من توقيع الجنرال القائد العام. وفي يوم الأحد 18 مارس 1962 على الساعة الثامنة مساء رئيس الجمهورية الفرنسي دوڤول للإعلان عن هذا الإتفاق 19 مارس 1962. وفي يوم الإثنين على الساعة السابعة والنصف صباحا يعلن المندوب الفرنسي العام بالجزائر عن قرار وقف إطلاق النار، وعلى الساعة منتصف أعلن عن وقف إطلاق النار في الجزائر كلها وعلى الساعة الحادية عشر ليلا إطلاق سراح عبد الرحمان فارس من سجن فريسن وعلى الساعة الحادية عشر وخمس دقائق يغادر بن بلة ورفاقه أورلي بإتجاه سويسرا. ونذكر هنا بأن السيد لوي جوكس هو وزير الدولة الفرنسي المكلف بالشؤون الجزائرية ولأن التوصل الى توقيع هذه الإتفاقيات يعد منعرجا هاما في مسار الثورة التحريرية الجزائرية فإن جريدة ليكودوران لأيام الأحد 18 والإثنين 19 والثلاثاء 20 والأربعاء 21 مارس 1962 قد خصصت صفاتها لهذا الحدث حيث نقرأ عنوانا كبيرا: إجتماع في دورة إستثنائية بعد إتفاقيات إيفيان! البرلمان فتح أمس نقاشا مأساويا حول مستقبل الجزائر. ونقرأ أيضا رسالة رئيس الجمهورية (دغول) تعلن نيته في طلب صلاحيات واسعة عبر الإستفتاء وإحتجاج صارخ للسيد بورتولانو نائب عنابة بالمجلس الوطني ونقرأ إفتتاحية الجريدة تحت عنوان : ديناميكية السلام. وعن ردود الفعل المختلفة جاء في الصفحة الأولى بأن الحلفاء الغربيين لفرنسا يرون في هذه الإتفاقيات فرصة لدعم قوات حلف وبالنسبة للسوفيات فإن هذا يوفر أملا لموسكو بأن تجد لها مكانا في الجزائر ولتحضير مكانة لها في مغرب موحد ولهذا فقد سارعت موسكو الى الإعتراف بالحكومة الجزائرية . ❊ إستفتاء بفرنسا يوم 8 أفريل لصالح دوغول لقد تقرر بموجب التوقيع على إتفاقيات إيفيان تنظيم إستفتاء حول هذه الإتفاقيات في يوم 8 أفريل 1962 بفرنسا حسب ما علم لدى وزارة الداخلية الفرنسية وحول مواقف التشكيلات السياسية الفرنسية من التوقيع على إتفاقيات إيفيان فإن ليكودوران لأيام 18 و19و20 و21 مارس 1962 قد أشارت الى أنه بعد الكلمة التي ألقاها الوزير الأول الفرنسي أمام المجلس المشكل من مجموعة الإشتراكيين ومجموعة المحافظين لم تتخذ أية قرارات من قبل هؤلاء وقد رأى المحافظون الراديكاليون بأن تفويض الجنرال دوغول كل الصلاحيات معناه منح الجنرال دوغول إمكانية فعل أي شيء وكل شيء وعلى سبيل المثال تعديل تشكيلة مجلس الشيوخ وتغيير تواريخ الدورات البرلمانية أما الإشتراكيون فإنهم فضلوا الإنتظار الى أن يعرفوا فحوى ومحتوى نص مشروع القانون حتى يصدروا حكما بخصوصه. ❊ وقف العنف وإطلاق النار ومن خلال إطلالة سريعة على إتفاقيات إيفيان فإن إستفتاء 8 أفريل 1962 يهدف الى تبني الفرنسيين في فرنسا لما جاء في إتفاقيات إيفيان وتحويل الرئيس الفرنسي صلاحيات إبرام عقود إتفاقيات التعاون بين فرنساوالجزائر وحق تقرير المصير وتأسيس دولة جزائرية، لأن هذه الإتفاقيات تضع حدا لقتال ومعارك إستمرت أكثر من سبع سنوات وفتح المجال لفرنسا جديدة وجزائر جديدة ولآفاق تعاون وخصب ومثمر بين البلدين. وذكر الوزير الأول الفرنسي الذي قرأ رسالة الرئيس الفرنسي الجنرال دوغول أمام أعضاء البرلمان، بأن هذه الإتفاقيات قد أخذت بعين الإعتبار الأقلية الأوروبية التي تولي الحكومة الفرنسية بأنها ضرورية بضمان نوع من التعايش ولأن التعاون بين الجزائروفرنسا سوف يتطلب روح الوفاق ووعد الوزير الأول الفرنسي بإجراءات للتهدئة من خلال إطلاق سراح والعفو الجزئي والعفو الشامل لتوفير شروط سليمة تضع حدا لمعاناة قاسية شهدتها السنوات التي مضت، وأشار بالمناسبة الى منظمة الجيش السري مشيدا بجهود الجيش الفرنسي المبذولة في الجزائر موضحا: إن الوضعية الحالية هي بالتأكيد صعبة جدا ونحن نعيش نهاية نزاع قد خلف عشرات الآلاف من القتلى وتميز بأعمال إرهابية فظيعة وبشعة لكن هناك أمر يفوض نفسه بقوة هو التعاون بين شعوب ضفتي البحر المتوسط، وذلك الإمتزاج بين هذه الشعوب وبين إقتصادات وثقافات تلك البلدان. وتقول الجريدة بأنه بعد أن قرأ الوزير الأول كلمة الرئيس الفرنسي الجنرال دوغول لم يصفق إلا عدد قليل من النواب على هذه الكلمة وهم نواب كتلة الوحدة من أجل الديمقراطية.