- الصحافة التي تعتمد على سلطة المال لا تعد مستقلة - تراجع نسبة مقروئية الجرائد الناطقة باللغة الفرنسية - حان الوقت لتتحرر الصحافة العمومية وتتناول كل المواضيع بدون استثناء الجمهورية:لقد مرّ الإعلام الجزائري بمرحلتين اثنتين مرحلة الإعلام النضالي الأحادي ومرحلة التعددية الاعلامية ,وفي خضم هذا التحوّل كيف ترون واقع الإعلام العمومي الجزائري اليوم؟ نعمة عباس:مدرسة الصحافة الجزائرية تشهد انزلاقا في الوقت الراهن حيث تفرع عنها اعلاميْن اثنين , في الوقت الذي ينبغي أن يكون إعلاما واحدا فقط ,فهنالك إعلام شعبوي خالٍ من المهنية ينشر أخبارا مغلوطة وغير حقيقية ,وهناك الإعلام العمومي الذي كان ولايزال مدرسة للأجيال ,إلا أنه ضحية قانونه الأساسي الذي يحول دون تقدمه الى الأمام ,وحان الوقت برأيي ليأخذ صحافيو القطاع العمومي الكلمة ليتساءلوا عن مكانتهم في الوسط الإعلامي ,إذا ما كان مسارهم حكومي أو يهتم بمصالح عامة الشعب ,فحان الوقت لتتحرر الصحافة العمومية وتتناول كل المواضيع من دون استثناء وبكل موضوعية واحترافية. فالإعلام الخاص بالنسبة لى عدواني جدا والإعلام العمومي متحفظ جدا ,وما يسعني قوله هو أن هنالك صحافة واحدة في الجزائر فلماذا تختلف القوانين المطبقة على كلتا الجهتين ,فالقانون واحد وينبغي أن يطبّق على الجميع,فما يُمنع على الإعلام العمومي يجب أن يٌمنع على الخواص والعكس صحيح. الجمهورية:ومن هذا المنطلق يٌتهم الصحافيون الناشطون بالقطاع العام في الوقت الراهن بأنهم لا يمثلون الرأ ي الآخر...فما تعليقم عن ذلك؟ نعمة عباس:أنا لا أوافقك الرأي,فأنا أمثل الرأي الآخر ,أنشر أخبارا موثوقا منها وصحيحة ,نستطيع تحويلها الى القاريء مع التعليق عليها ,و»التعليق الحرّ» على ماأظن هو مايحتاج إليه القطاع العمومي ,فنحن المدرسة فلماذا نخاف ونهاب يا ترى ,وهذه الفتاوى التي نتلقاها من حين لآخر لاأساس لها من الصحة ,فالصحافي الناشط في القطاع العام لا يعني بأنه الأسوء مقارنة بالإعلاميين التابعين للقطاع الخاص,وماتجدر الإشارة أن النقاش في البداية كان مطروحا حول الصحافة الناطقة باللغة العربية وتلك الصادرة باللغة الفرنسية ,واليوم يشتد النقاش حول الصحافة الخاصة التي يقال أنها مستقلة. الجمهورية:...وصفتم من خلال تصريحكم الصحافة الخاصة ب«المستقلة» ...فهل فعلا هنالك إعلام مستقل حرّ؟ نعمة عباس:لا يوجد صحافة مستقلة في الجزائر,والإعلام الذي يعتمد على سلطة المال لا يعد مستقلا ,فهو عنوان مثله مثل العمومي ,هذا الأخير الذي تموّله الدولة الجزائرية ,على عكس الخواص الذين يموّلهم رؤساء أحزاب أو أطراف أو جهات معينة,وفي الأخير نترك الحكم للقارئ,واحيطكم علما بأن عدد السحب لا يصنع أبدا الجريدة. الجمهورية:إذا سلّطنا الضوء على الصحافة المكتوبة ,فكيف ترون واقعها؟ نعمة عباس:حسب رأيي فإنه مقارنة بالدول المجاورة فقد قطعنا أشواطا كبيرة ,وهذه حقيقة لا يجب أن نخفيها ,فحرية الصحافة التي نجدها اليوم في الجزائر قد تغيب عن العديد من الدول ,فأحيانا يقشعر بدني وتتسارع نبضات قلبي عندما أطّلع على بعض الجرائد التي لها الجرأة في نشر أخبار شجاعة وهذا لخير دليل على التطور والقفزة النوعية. الجمهورية :في نظركم هل تجدون بأن هنالك إقبال كبير على مطالعة اليوميات العمومية مقارنة بتلك التابعة للخواص؟ نعمة عباس:لا نستطيع الحديث عن هذا الأمر بالتدقيق ,فهنالك 6 صحف عمومية و149 يومية خاصة ,فكيف في رأيكم نستطيع الحكم على اقبال القراء على الجرائد العمومية ومقارنتها بتلك التابعة للقطاع الخاص ,فبالنسبة للصحف الناطقة باللغة الفرنسية سواء الخاصة أو العمومية ,فنسبة مقروئيتها قد تراجعت لأن الجيل الجديد من القراء معرّب الى درجة كبيرة,وأنا من جهتي أرى بأن واقع سوق المبيعات هو الذي يحكم , فمبيعاتي مثلا هي التي تثبث مدى الإقبال على مطالعة جريدتي من طرف القراء. الجمهورية: يشكك العديد من القراء في مصداقية الصحف العمومية ...فما تفسيركم؟ نعمة عباس:إن المصداقية موجودة في القطاع العمومي ,ففي الكثير من الأحيان نقرأ أخبارا لا أساس لها من الصحة على صفحات بعض العناوين الخاصة ,وأنا من جهتي أطرح تساؤلا هل توجد في الجزائر دراسة أو سبر آراء تتبث مدى صحة هذه الشكوك التي تعد بالنسبة لى مجرد إشاعات تريد من خلالها بعض الأطراف الإطاحة بهذا القطاع,والدليل على ذلك أن الجرائد العمومية باتت تخبَّأٌ اليوم تحت أكوامٍ من العناوين الخاصة ,وأعلمكم أيضا بأن القطاع العمومي يعمل تحت غطاء قانوني على عكس الخواص الذين يغرق بعضهم في الديون ,وأضيف بأن هنالك بعض صحافيي القطاع الخاص الذين يأتون للعمل في القطاع العمومي بغرض بناء مهنيتهم واحترافيتهم في المجال الإعلامي. الجمهورية:ماهي الحلول التي تقترحونها للنهوض بالصحافة العمومية المكتوبة؟ نعمة عباس:ينبغي أولا وقبل كل شيء انشاء قطب للتوزيع يعمل تحت شروط قانونية لضمان التوزيع الجيّد بالنسبة للجرائد العمومية,ومن هذا المنطلق ينبغي أن نتحد نحن المسؤولون على اليوميات الست لحل مشكل التوزيع ,هذا فضلا عن ضرورة اتباع منهاج الموضوعية الجريئة عبر المقالات التي نقوم بنشرها يوميا. الجمهورية:ترتبط ديمومة الجرائد بالاشهار الذي لايزال يطرح العديد من التساؤلات في كل مرة...فما رأيكم؟ نعمة عباس:تعاني اليوم الجرائد العمومية من عدم الانصاف في تقسيم الإشهار ,وتم ترويج إشاعات متمثلة في أنه إذا تم قطع الإشهار على القطاع العمومي فإن ديمومته ستنتهي , وأنا في نفس الوقت أتساءل هل إذا ما تم قطع جرعات الإشهار على الخواص يستطيعون مواصلة عملهم في الميدان ,وبالتالي فالجريدة تضمن ديمومتها بالإشهار أولا ومن ثم المبيعات,ولايوجد أي اختلاف مابين القطاعين العام والخاص ,وأنا ضد أن يصل الأمر إلى غلق جريدة ما سواء كانت عمومية أو خاصة لأن من وراء كل ذلك عائلات تعتمد على قوتها من هاته اليوميات. الجمهورية:هل تعتقدون أن الإشهار عبرشبكة الأنترنيت يعوّض عدد المبيعات,لاسيما وأن الجريدة الرقمية أو الإلكترونية في طريقها إلى البروز و أخذ مكانة الجريدة الورقية؟ نعمة عباس: هذه الفكرة لم تتطور بعد ,لأننا لم نصل بعد الى تكنولوجيات الجيل الرابع ,ليتم بعدها تنظيم عمليات دفع الاشتراكات التي ستكون عن طريق البطاقات البنكية,وإلى غير ذلك من الأمور التي تساير مشروع نشر الإشهار عبر شبكة الانترنيت. الجمهورية:حدثونا عن جريدة»المجاهد» العريقة من فضلكم. نعمة عباس:إن جريدتنا سايرت كل الأوقات ,فهي مؤسسة اعلامية تمارس نشاطها موازاة مع التطور الحاصل ,يبلغ عدد قرائها عبر الموقع الالكتروني في اليوم الواحد بحوالي 20 ألف قاريء, وأنا أرفض كل مايقال عن الإعلام العمومي من حيث أنه ليس في المستوى المطلوب ,وأنه سيختفي ,و عدد مبيعاته قليلة جدا,فأنا أقول بأنني لست منافسة ,ومن يريد أن أكون كذلك فلنتكلم بلغة الأرقام,فالجزائر بلد شاسع جدا,ولايقتصر إلا على المدن الكبرى فقط, فجرائدنا لا تغطي كل القطر الجزائري,لأن القائمين على عمليات التوزيع غير شرعيين ولا يخدمون الصحافة الجزائرية سواء تعلق الأمر بالإعلام العمومي أو الخاص. الجمهورية:مارأيكم في اليوم الوطني للصحافة الذي يصادف يوم 22 أكتوبر؟ نعمة عباس: هي فكرة ممتازة أسسها فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة,وتم اختيار له تاريخ ميلاد جريدة «المقاومة الجزائرية» التي ولدت قبل جريدة «المجاهد», وجاءت هذه المبادرة لكون الإعلام الجزائري قفز قفزة نوعية وهو في تقدم مستمر والدليل على ذلك هو تعدد العناوين المكتوبة,وكذا فتح قنوات السمعي البصري...وقبل أن أختم حواري معكم أتمنى كل التوفيق والنجاح لجريدة «الجمهورية» .