تشن القوى العظمى حربا صامتة في افريقيا من أجل التوصل إلى تحقيق المزيد من المكتسبات على جميع الأصعدة ، خاصة في سبيل توسيع مجالها الحيوي و تراهن على كسب افريقا كمطمورة اقتصادية و قاعدة جيوسياسية و صوت دبلوماسي قد يضيف الكثير لها في المحافل الدولية و يصنع الفارق رغم أن افريقيا تبقى القارة الوحيدة التي لا تتوفر على صوت دائم في مجلس الأمن الدولي . و في سبيل كل ذلك تصرف الولاياتالمتحدة ملايير الدولارات من أجل تتبع خطوات فرنسا و الصين و حتى البرازيل و تركيا في القارة السمراء و قد توصل مركز الفكر الأمريكي إلى أنّ بكين قد تفوقت في ظرف وجيز على واشنطن في القارة و هذا ما يعكسه توجد التنين في أكثر من 35 دولة إفريقية يدل عليه الاستثمار الصيني هناك خاصة في أنجولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية و نيجيريا و غينيا بيساو و الكاميرون وتوجو و الجزائر و موريتانيا والقرن الإفريقي و قد تجاوزت قيمته 60 مليار دولار بينما الاستثمارات الأمريكية تشكل 20% من هذا المبلغ معظمها في الجزائر و خليج وغينيا و اهتدت الصين إلى الاستثمار في كل المجالات حتى و لو كانت ضئيلة و ذلك من أجل ترسيخ تواجدها في القارة لكن هذا لا يعني أنها تفرط في القطاعات الحيوية كالنفط و التنقيب عليه كما هو الحال في جنوب السودان وأنغولا و التشاد و غرب افريقيا و موريتانيا .و صارت كل الأسواق الإفريقية غارقة في المنتج الصيني حيث عرفت بكين كيف تروج لتجارتها الخارجية . كما أن الولاياتالمتحدة لا تزال مدينة للصين ب 500 مليار دولار و هو القرض الذي استفادت منه واشنطن بعد الأزمة المالية و الاقتصادية التي وضعت ادارة بوش الابن العالم فيها و لا تزال تبعاتها متجلية . و لعلا الجميع لاحظ السباق الشرس الذي تخوضه الصين في حقول و أسواق النفط في العالم و لو كان ذلك بالخسارة و هو الأمر الذي لم يقع بعد و لكن جعلها تحصد كل شيء في طريقها و دون تردد و جعلت من افريقا منطقة لتنفيذ هذه الخطة غير مبالية لا بأمريكا و لا فرنسا التي تدعي الأبوية على هذه القارة بالفعل التاريخي و ليس الاقتصادي المحض . و لعله من الواضح جدا في المقارنة بين العلاقة (الصين –افريقيا) و (الولاياتالمتحدة- افريقيا ) الفرق في المعاملة ،بكين ذات بعد اقتصادي يتماشى مع احتياجات شعوب القارة و واشنطن تلح على الدور العسكري و لعب الدور الأمني أولا و يتجلى ذلك بوضوح في وجود "الأفريكوم" و كأنها ترسخ وجودها بالتواجد الأمني و الصين بالتعاون الاقتصادي . و هذا ما يجعل من التنين النائم بعبعا يقلق كل إدارات البيت الأبيض.