يرى العديد من الخبراء و المراقبين أن السياسة التي تقترحها الولاياتالمتحدة في مجال محاربة الإرهاب في إفريقيا تهدف أساسا إلى التصدي للتواجد المتزايد للصين التي ضاعفت من استثماراتها في القارة السوداء مند الخمس سنوات الأخيرة، ويبدو ذلك جليا في إعلان واشنطن عن قاعدة عسكرية جديدة لها في إفريقيا في فيفري المنصرم. واليوم، وبحجة "الحرب على الإرهاب"، تعود واشنطن إلى إفريقيا، لتقيم وتعتبر واشنطنالجزائر"رأس حربة"، في قائمة الدول التي تكافح الإرهاب، كما يعتبر بوابة هامة من بوابات إفريقيا الزاخرة بكل أنواع الطاقة من جنوبالجزائر إلى دارفور في السودان إلى دلتا النيجر صعودا إلى موريتانيا وانحدارا إلى خليج غينيا . و عليه قرر الرئيس جورج بوش، إقامة "الأفريكوم"، أي، القيادة العسكرية الأمريكيةالجديدة في القارة الإفريقية. لكن خبراء يقولون بأن الهدف الحقيقي هو تأمين آبار النفط في القارة السوداء حيث تقول الأرقام بأن الولاياتالمتحدة تحصل على 10 بالمائة من حاجياتها النفطية من إفريقيا، ويتوقع الخبراء أن تزداد النسبة إلى 25 بالمائة بحلول العام 2010 إلا أن الصين خلطت أوراق واشنطن عبر منافستها في السوق الطاقوية بإفريقيا. و تبين دلك حسب نفس الخبراء من خلال انعقاد قمة بين رؤساء الدول الإفريقية والرئيس الصيني، في مؤتمر استضافته بكين العام الماضي، وإعلان الرئيس الصيني تقديم مساعدات بقيمة 5 مليار دولار لتطوير البنية التحتية في إفريقيا، مقابل حصول الصين على الحق في استيراد النفط . وقد عبر الأفارقة عن قبولهم بهذه "الشراكة" على لسان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حين أكد على ضرورة دعم الصين بالطاقة. و قد حذر خبراء أمريكيون الإدارة الأمريكية من التقارب الإفريقي الصيني في مجال النفط، حيث أكدوا بأن المد الصيني في إفريقيا من شأنه أن يتحول إلى "تسونامي" تجاري، ومنها الغزو التجاري الصيني في الجزائر، وفي قطاع البناء، وفي قطاعات أخرى، ليتحول هذا النشاط الصيني إلى دليل إدانة على الأطماع الصينية في ما تعتبره واشنطن "نفطها". حتى أن وليام كانشتاينر النائب السابق للشؤون الإفريقية في وزارة الشؤون الخارجية الأمريكية نبه إلى طبيعة العلاقة التي تجمع الصين بشركائها الأفارقة، حيث قال "إن علاقة الصين بإفريقيا في مجال التعاون لم تعد كما كانت في الستينيات والسبعينيات مبنية على التقارب الإيديولوجي، بل تغيرت جذريا الآن وأصبحت تجارية محضة". يعكس هذا التخوف الأمريكي الأرقام التي تتحدث عن بلوغ الصادرات الصينية إلى إفريقيا سقف الأربعين مليار دولار في 2006، وتعتبر الجزائر خامس شريك تجاري للصين من حيث المبادلات التجارية في إفريقيا، إذ بلغت المبادلات 1.7 مليار دولار سنة 2005، أي بنمو بلغ 42.7 بالمائة، مقارنة مع سنة 2004، في الوقت الذي بلغت حقيبة الاستثمارات الصينية في الجزائر 600 مليون دولار وهي مرشحة للارتفاع. وقد ذهب خبراء أمريكيون، بالنظر إلى هذه الأرقام، على القول بأن الرئيس بوتفليقة يعطي فرصا أكبر للتواجد الصيني، تحت مظلة موازنة الجزائر بين شركائها. م.هدنه