**أتذكر واقعة استشهاد أحمد البلاندي المدعو" الذباح" الذي أرعب الحركى تروي المجاهدة بطرشة يمينة البالغة من العمر 77 سنة القاطنة حاليا ببلدية الدحموني معاناتها مع ما عاشته أثناء الحقبة الاستعمارية وتتذكر جيدا وبألم شديد ما قام به البياعة والحركى في تلك الفترة من أعمال الحقرة والسيطرة والوشاية بالمجاهدين فبعد مرور 60 سنة من اندلاع الثورة المباركة فهي ما زالت تكن الكره الشديد لهم لما ألحقوا به من ضرر لأبناء المنطقة ففي عامي 1957 و 1958 كانت الحاجة يمينة تقطن بدوار تقيقس تحديدا بالمنطقة المسماة منصور بالدحموني حاليا فهي وبالرغم من صغر سنها كانت تؤمن بقوة رسالة نوفمبر بالرغم من الحياة الصعبة التي كان يعيشها سكان الدشرة من الفقر والبؤس والحرمان بسبب تواجد ثكنة عسكرية فرنسية بالقرب من الدوار يراقب الجيش الفرنسي تحركات السكان كما ضيق "البارا" الفرنسيين كثيرا على سكان المنطقة لكن هذا لم يمنع ان يقدم المواطنين البسطاء يد المساعدة للمجاهدين في إيوائهم بمنازلهم في جنح الظلام وفي سرية تامة وبعيدا عن أعين الاستعمار ولا تنسى الحاجة يمينة زيارات المجاهدين إلى الدوار و كانت النسوة تحضرن لهم الطعام وهو عبارة عن الخبز المصنوع من الشعير والمعروف ب"الخمير" كما تتذكر الحاجة يمينة في شهادتها رجلا استشهد في ساحة المعركة المسمى بأحمد البلاندي المعروف ب"الذباح" أرعب الجيش الفرنسي وأتباعه من "الحركى والبياعة" فهذا الشهيد كان شجاع وطيب القلب مع السكان وشديدا وبلا رحمة مع "البياعة" حيث كان يطبق أوامر و إن كلفه ذلك حياته و ان أغلب الحركى بالمنطقة كانوا يتحاشون التنقل او التجوال داخل الغابة خوفا من ملاقاة الذباح 'كما تحدثت المجاهدة عن شهداء الواجب مثل الشهيد علي كوشيخ وبن عيشة رابح رافقهم في مسيرة الكفاح الشهيد أحمد البلاندي، كانوا أقوياء لا يهابون الموت وتحكي الحاجة يمينة الليالي التي قضاها المجاهدون بمنزلهم المتواضع وهي تراقب لساعات طويلة بالقرب من باب بيتهم تحركات الجيوش الفرنسية و ذات شتاء من عام 1958 تفاجأت وفي جنح الظلام بسيارات "جيب" وهي تحاصر بيتهم كان يرافقهم بياع من المنطقة ولسوء حظها كان يراقب تحركاتها منذ شهر بمنزلها المتواجد بالقرب من الغابة فتقدم نحوها وقال لها وهو يضحك "وين راهم الفلاليس" فهذا اللفظ كان متداولا لدى الخونة للتقليل من شأن المجاهدين فسكتت الحاجة يمينة وحُولت في ساعات مبكرة إلى الثكنة العسكرية وبمرارة تحكي قصة تعذيبها لمدة شهر كامل من الضرب والتنكيل بجسدها النحيف باستعمال الكهرباء والنار طيلة ليال طويلة وفي كل مرة كان يقابلها ضباط فرنسيين وهي عارية الجسم يضحكون ويتباهون بما يقومون به و الحركى كانوا يحضرون كل مرة وفي ليلة تقدم نحوها إحدى الحركى طلب منها ان تقول للضابط المسؤول عند استجوابها أنهم أشخاص غرباء قدموا إلى منزلها ولا تعرف عنهم شيئا بالفعل في اليوم الموالي اعترفت بذلك وأفرج عنها وما فهمته ما اقدم عليه الحركي هو فقط أن يتقي شر الذباح. تقول الحاجة يمينة أن عناصر الجيش الفرنسي الذين كانوا متواجدين بالثكنة اغتصبوا العديد من النساء وبالقوة بعد محاصرة الدوار لعدة مرات غير ان المجاهدين طلبوا من السكان الصبر على هذا البلاء الشديد فهي لن تنسى ما اقترفته القوات الخاصة في حق السكان العزل وإيمانها كان قويا بالاستقلال.