فقدت المحطة الجهوية للتلفزيون بوهران قبل أيام أحد المصورين القدامى، رجل كرس حياته في مشوار مهني شاق حرص من خلاله على تقديم الصورة الأجمل والأفضل لمهنة المتاعب، وعمل بجد وتفان لم يعرف فيه الملل والتراجع إلى أن خرج إلى التقاعد سنة 1996 وواصل التعاون مع المحطة حتى سنة 2000 وكان يعرف بحزمه وجديته وإحترافيته في العمل الإعلامي التلفزيوني. وحتى بعد إنتقاله إلى حياة التقاعد بقي مواضبا ومتميزا بخصاله التي أشاد بها كل من عرفوه وأكدوا أنه كان نعم الرجل ونعم الموظف طيلة مشواره المهني الطويل الذي توج بالنجاح والتألق، إنه الراحل حراث الجيلالي الذي إنتقل إلى رحمة الله في الثالث من شهر أكتوبر الجاري إثر مرض عضال. شغل المرحوم منصب مدير التصوير بمحطة وهران الجهوية وكان قد إلتحق بهذ الأخيرة 1960 وشغل عدة مهام، كما سمحت له المهنة بالخروج إلى عدة دول وجهات، نقل من خلالها الصوت والصورة على أكمل وجه، كما تألق لسنوات طويلة في إدارة التصوير بمؤسسة التلفزيون الجزائري بمحطة وهران الجهوية، وكان صاحب التجربة والخبرة المتميزة التي يعود تاريخها إلى سنوات الستينيات التي إستفاد منها الشباب الذين إلتحقوا بالممؤسسة ووصفوا المرحوم حراث بأنه كان رمزا للعطاء ولم يبخل على الجيل الجديد بأي معلومة تخص تقنيات التصوير والعمل التلفزيوني، فكان مدرسة للتكوين في مهنة التصوير في الإنتاج السمعي البصري. وحتى بعد خروجه إلى التقاعد بقي الراحل على وصال بالمحطة لأن خبرته كانت دائما مطلوبة ورحيله يعتبر خسارة كبيرة لا تعوض لا سيما وأنه يعد من الأوائل الذين أعطوا لمهنة التصوير بصمتها الخاصة ووزنها الثقيل واستطاع بفضل إجتهاده أن يسجل إسمه بأحرف من ذهب في سجل الأرشيف التلفزيوني لمحطة وهران الجهوية. وإلتمسنا أسف عمال وموظفي مؤسسة الإذاعة والتلفزيون بوهران إثر رحيل حراث الذي إرتبط إسمه بإدارة التصوير فضلا على شخصيته المتميزة والمحبوبة جدا من قبل الكبير والصغير، والتي تركت فراغا لا يعوض أبدا في وسطه العملي رغم تقاعده قبل عشر سنوات، وكذا في وسطه العائلي الذي يعيش مرارة فراق حراث الجيلالي الأب الحنون والرجل الصامد الذي نال منه المرض وأطرحه الفراش إلى أن لقي ربه. هو من مواليد 19 أكتوبر سنة 1936 بحاسي بن عقبة بوهران وقدوري التراب يوم الإثنين المنصرم، كما شهد جنازته بمقر منزله الكائن بحي قمبيطة عائلته ورفاق دربه وزملاء المهنة بالإذاعة والتلفزيون، وقد كان لنا حديث مع بعض زملاء الفقيد الذين أكدوا أنهم أضحوا يفقدون في الأيام الأخيرة الكثير من رفقاء العمل القدامى، وهذا الأمر من شأنه أن يؤثر على مستواهم المهني وحتى على الجيل الصاعد الذي هو في حاجة ماسة إلى هؤلاء القدامى لتزويدهم بالمعلومات وكذا منحهم الخبرة التي إكتسبوها طوال مشوارهم المهني. كما تأسف الكثير من الشباب الذين تعلمxوا على يد الراحل على فقدانهم لهذا المصور الصحفي المتألق الذي كانوا يستفيدون من تجربته حتى بعد خروجه إلى التقاعد وتميز جيلالي حراث أيضا بتفانيه في العمل وعدم إكتراثه بالمعوقات التي إعترضت مساره وكانت تواجهه في عمله بحيث أنه كان يعمل في ظروف مغايرة عن تلك التي أضحينا نعرفها اليوم. وقد خلف الراحل هو الآخر سلفا صالحا حيث يواصل إبنه وحتى أخوه نفس الدرب الذي مر به هذا "الكاميرامان" المعروف بولاية وهران وحتى خارج المدينة، والأكيد أن الخاسر الأكبر على فقدان أحد المخضرمين في ميدان التصوير الصحفي هو التلفزيون الجزائري الذي يطمح إلى الوصول إلى الإحترافية في تقديم البرامج التلفزيونية . يذكر أن المرحوم الجيلالي حراث ترك وراءه عائلة محافظة وملتزمة بل ومعروفة في حي قمبيطة الشعبي وعلى هذا الأساس ليس غريبا أن تجد جميع سكان هذا الحي العتيق قد تأثروا لرحيل هذا المخضرم في مجال التصوير الصحفي التلفزيوني، علما أنه قام بتصوير عدة روبورتاجات وعدة أفلام وثائقية طيلة مشواره المهني وتبقى أعماله الصحفية شاهدة عليه إلى الأبد. وما تجدر الإشارة إليه هو أن الفقيد كان يحب أبناءه الخمسة كثيرا وقد تأثروا جميعهم بنبأ وفاة والدهم الذي فارقهم على حين غرة وما زالت علامات الحسرة لم تفارق محياهم لحد اليوم وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على المكانة الغالية والعزيزة لحراث في نفوسهم. فرحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه، وألهم ذويه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون.