رغم التباين في الآراء حول هوية الارهابيين الذين نفذوا الهجوم المسلح على منطقة بن غردان في عمالة مدنين في الجنوب الشرقي لتونس يوم 7 مارس و الذي أودى بحياة مدنيين و عسكريين و أوقعت الاشتباكات مع قوى الأمن العديد من القتلى في صفوف منفذي العملية – رغم - تصر الرواية الرسمية أنّ أولئك المسلحين تابعين للتنظيم الارهابي المسمي ب " الخلافة الاسلامية و قادمين من ليبيا بعد اختراق الحدود و الجدار العازل . و دلت الكميات الكبيرة من الأسلحة التي وجدت بمخابئ في بن غردان أن العملية كان مدبرا لها منذ أكثر من سنتين و كانت تهدف إلى ايقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا في صفوف المدنيين و القوات المشتركة للجيش التونسي. و لم يكن من باب الصدفة عندما تمكنت القوات التونسية من التصدي للإرهابيين و القضاء على أكبر عدد منهم و تجنيب المواطنين مذبحة حقيقية ، لم يكن الأمر صدفة لأن المنطقة صارت في حسبان التنظيم الارهابي المتطرف منذ نزوله إلى ليبيا و محاولته إيجاد عمق استراتيجي له في المنطقة المغاربية ( كما هو الحال عندما تحولت سوريا إلى بعد استراتيجي لداعش العراق ) ، و لعله أيضا من أسباب اخفاق التنظيم الارهابي في جنوبتونس و عدم تمكنه من تحويل بن غردان لإلى رقة ثانية هو التعاون الذي أبداه السكان مع قوات الجيش و رفضهم الإذعان للجماعات الارهابية التي سبق إن دعتهم عديد المرات عبر مكبرات الصوت للاستسلام و " التهليل " لدولة الخلافة التي ينشدها التنظيم الدموي في أحلامه ، رغم أنّ بعضا من القتلى في صفوف الارهابيين تعرف عليهم الجيش من خلال السكان الذين أكدوا أنّهم من مواطني بن غردان و عمالة مدنين لا شك أن تنقل المتطرفين بين الدول الساحل بات هاجسا أمنيا ثقيلا ، يملي اتخاذ إجراءات تحمي استقرارها ، وهو ما فرض على تونس الإعلان عن بناء جدار عازل على طول حدودها مع ليبي و رفض هذه الأخيرة اتخاذ القرار من جانب أحادي. و أعلن رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد في جويلية الماضي أن بلاده شرعت ببناء جدار وخندق على طول الحدود مع ليبيا ضمن الخطط الرامية لمنع تسلل المتطرفين وز توصلت تونس إلى بناء جدار رملي وحفر خندق على الحدود مع ليبيا على طول 168 كيلومترا . و لكن رغم ذلك وصل المتطرفون إلى جنوبتونس و الأسلحة التي وجدة مخبأة كانت كمن النوع الثقيل ما بعني أن الحدود بين البلدين مخترقة. العمل العدواني الذي أوقع عديد القتلى في صفوف الأمن بعد الاعتداء على مركزه و أيضا القضاء على عدد من المواطنين شجّبته الجزائر بشدة و أدانت منفذيه و دعت إلى مزيد من الحذر و الحيطة و دعت المجتمع الدولي إلى تكثيف جهوده لوقف زحف الظاهرة الارهابية العابرة للأوطان و أكدت أنه لا توجد دولة أو شعب بمنأى عن هذا الخطر الذي يعطل التنمية و التحولات السياسية في أي بلد و دليل ذلك الكمية الكبيرة من الأسلحة التي عثرت عليها مفرزة مشتركة للجيش الوطني الشعبي,( الناحية العسكرية الرابعة ) ليلة الخميس بقمار (ولاية الوادي) و قضت على ثلاثة إرهابيين خطيرين واسترجعت ست منظومات صواريخ "ستينغر" وكمية معتبرة من الأسلحة , حسب ما أفاد به يوم الجمعة بيان لوزارة الدفاع الوطني. ما يعني أن مكافحة الارهاب و التصدي له ليست مسألة كل دولة على حدى بل تتطلب تنسيقا أمنيا و عسكريا و في مجال الاستخبارات و بالتالي ايجاد غرفة عمل موحدة بين الجميع لتفويت الفرصة على تشتيت امن الشعوب و الأوطان و هو ما تسعى إليه الجزائر دوما من خلال التعاون المشترك أو من خلال الحث على تبني المقاربة التي انجزتها و عرضتها على الأممالمتحدة كإستراتيجية لمكافحة الارهاب .