أكد رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك أن مظاهرات الحادي عشر ديسمبر 1960 كانت محطة حاسمة في مسار الثورة التحريرية المجيدة، كما كانت تعبيرا واضحا من طرف الشعب الجزائري على رفضه للعيش تحت وطأة الاستعمار. قدم رضا مالك تفصيلا وافيا عن مظاهرات الحادي عشر ديسمبر، حيث تطرق إلى جميع الظروف التي أحاطت بالحدث وذلك خلال الندوة التاريخية التي احتضنها منتدى جريدة المجاهد بمناسبة الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين لمظاهرات الحادي عشر ديسمبر، و أفاد رضا مالك بأن العوامل التي شهدتها الثورة في تلك الفترة كان لها الأثر الكبير في خروج الشعب الجزائري إلى الشارع منها على وجه الخصوص الحصار الذي ضربته القوات الفرنسية على الثورة في الجبال وغلق الحدود مع المغرب وتونس. واعتبر رضا مالك أن الشعب الجزائري وضع الرأي العام العالمي أمام الأمر الواقع في ظل الأكاذيب التي كانت تسوقها الإدارة الفرنسية، وهو ما ظهر في الصدى الإعلامي الذي خلفته المظاهرات داخليا وخارجيا، خاصة في وسائل الإعلام الفرنسية التي اكتشفت الادعاءات التي كانت تسوقها الحكومة الفرنسية في تلك الفترة. و على الصعيد السياسي أشار رئيس الحكومة الأسبق إلى أن الأحداث التي اندلعت في العاصمة تزامنت مع زيارة الرئيس الفرنسي ديغول إلى الجزائر، حيث تعتبر هذه الزيارة حدثا تاريخيا عند حكومة ديغول الذي اضطر إلى تنظيم استفتاء للفرنسيين حول سياسته في الجزائر في شهر جانفي 1961، إذ يعتبر هذا التاريخ مقدمة لانطلاق مفاوضات أيفيان ثم تنظيم استفتاء تقرير المصير. و في السياق ذاته أكد المتحدث بأن المظاهرات تركت صدى واسعا على الساحة الوطنية والدولية حيث أكدت المظاهرات الشعبية حقيقة الاستعمار الفرنسي الإجرامية و فظاعته أمام العالم ، وعبرت عن تلاحم الشعب الجزائري و تماسكه و تجنيده وراء مبادئ جبهة التحرير الوطني و القضاء على سياسة ديغول المتمثلة في فكرة الجزائر جزائرية و فكرة المعمرين الجزائر فرنسية، أما على المستوى الدولي فقد برهنت المظاهرات الشعبية على مساندة مطلقة لجبهة التحرير الوطني ، واقتنعت هيئة الأممالمتحدة بإدراج ملف القضية الجزائرية في جدول أعمالها و صوتت اللجنة السياسية للجمعية العامة لصالح القضية الجزائرية و رفضت المبررات الفرنسية الداعية إلى تضليل الرأي العام العالمي و اتساع دائرة التضامن مع الشعب الجزائري عبر العالم خاصة في العالم العربي و حتى فرنسا نفسها ، خرجت الجماهير الشعبية في مظاهرات تأييد ،كان لها تأثير على الشعوب المستعمرة. و اعتبر رضا مالك بأن مظاهرات الحادي عشر ديسمبر كانت الفاصل الأساسي في كفاح الشعب الجزائري لأنها أدخلت فرنسا في صراعات داخلية، حيث كان لوسائل الإعلام الفرنسية دورا كبيرا في فضح السياسة الديغولية من جهة وتناقضات المعمرين من جهة أخرى، مضيفا أن هذا الوضع أدخل فرنسا في عزلة دولية وضاعفت من الضغوط التي انتهت بإعلان ديغول عن الدخول في المفاوضات مع جبهة التحرير الوطني.