لقى فيلم “بابيشا” للمخرجة مونية مدور، خلال عرضه أول أمس في مسابقة نظرة ما بمهرجان كان السينمائي الذي تتواصل فعالياته الى 25 ماي الجاري بفرنسا، ردود فعل إيجابية من طرف النقاد والإعلاميين المشاركين في هذه الدورة. أجمع عدد من النقاد السينمائيين المتواجدين بمهرجان كان السينمائي في دورته لهذه السنة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن الفيلم الجزائري “بابيشا” للمخرجة مونية مدور وشارك في تجسيد بطولته كل من شيرين بوتلة، لينا خذري، اميرة هيلدا، استطاع بعد أن حجز له مكان ضمن أحد أهم مسابقات المهرجان الأهم في العالم،أن يجذب لجنة التحكيم التي تترأسها اللبنانية نادين لبكي، فهناك حسبهم توقعات أن يظفر الفيلم باحد جوائز المسابقة خاصة فيما يتعلق بالسيناريو، بحيث يعالج مضمونه “معاناة المرأة الجزائرية” التي عانت الكثير خلال الثورة التحريرية، لتنتقل معاناتها لعشرية كاملة تعرف بالعشرية السوداء، فقضية المرأة تعد من أهم القضايا التي يهتم بها مهرجان كان السينمائي، الفيلم هو من إنتاج مشترك بين الجزائر ، وفرنسا، وبلجيكا، وهو الأول من نوعه بالنسبة للمخرجة، ويعد تجربة مهمة في السينما الجزائري التي أضحت تعاني الكثير في ظل الأزمة الاقتصادية، وفي ظل احتكار القطاع.يستعرض الفيلم الذي حظي بتصفيقات مطولة، والذي تجسد دور البطولة به الممثلة لينا خوذري، جزءا مؤلما من التاريخ الحديث للبلاد بسبب التطرف والإرهاب. حيث تمثل فيه خودري دور الشابة الجزائرية القوية، التي ترفض الخضوع لتهديدات المتشددين والخنوع للوصاية الذكورية، فقد شكلت سنوات التسعينات حقبة صعبة في تاريخ الجزائر الحديث، تعرف بالعشرية السوداء، بسبب جرائم الإرهاب، إذ أدت لمقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، في ظرف اختلط فيه السياسي بالديني، وحاولت فيه بعض القوى المتشددة فرض أسلوبها في الحياة على الآخرين. المخرجة الجزائرية مونية مدور عادت إلى هذه الفترة وركزت أساسا على ما عانته المرأة الحرة الرافضة للقيود والوصاية الذكورية، علما أنها المستهدف الأول في مثل هكذا وضع، حيث تجد نفسها أمام جبهتين: التطرف من جهة وذئاب المجتمع الذين ينظرون لها كفريسة ليس إلا من جهة ثانية، واختارت عمدا أن يكون فريقها نسائيا بالدرجة الأولى، إذ اعتمدت في فيلمها على الممثلة لينا خوذري كبطلة الفيلم باسم نجمة الملقبة ب”بابيشا”، إضافة إلى شابات أخريات أحطن بها طيلة الفيلم، لعبن أدوار: وسيلة، سميرة وكهينة، و استوحت مدور عملها من حياتها الجامعية الخاصة في العاصمة خلال سنوات التسعينات. تدور أحداث الفيلم حول شابات جزائريات يتابعن دراستهن في الجامعة بالعاصمة، بشكل لا يفرضن على أنفسهن أي قيد من القيود المجتمعية المعتادة في المجتمعات العربية. شابات يعشن الحياة بكل ما يملكن من طاقة، ويظهرن حماسا كبيرا لقضم المزيد منها كلما أتيحت لهن الفرصة لذلك، وفي وقت من الأوقات بدأن يشعرن بتصاعد الضغط عليهن من قبل إسلاميين متشددين أصبحوا يعلقون ملصقات تدعو إلى ارتداء النقاب، بل شكلوا عصابات تلعب دور “الشرطة الدينية” في الجامعة. ويظهر أحد المشاهد مجموعة منها، عناصرها تتكون من نساء منقبات، تقتحم غرفة نجمة التي كانت بصحبة صديقاتها وتطالبها بارتداء الحجاب والصلاة، اغتيال ليندا أثر كثيرا على نفسية نجمة أو “بابيشا”، وأفسد شهيتها للمستقبل، فقررت أن تتخلى عن حلمها، الذي ظل يسكنها طيلة الفيلم، وهو تنظيم عرض لفساتين تخيطها بأكملها انطلاقا من “الحايك”، إلا أن إصرار صديقاتها دفعها للتراجع، والمضي قدما مجددا في تنفيذ الفكرة على أرض الواقع، لم يكن من السهل على “بابيشا” وصديقاتها إقناع مديرة الحي الجامعي بتنظيم العرض. الوضع أصبح خطيرا، بالنسبة للمديرة، ولم يعد هناك مجال لتنظيم مثل هذه الأنشطة بين أسوار الجامعة. لكن نجمة ومجموعتها نجحت في إقناعها بتنظيمه، إلا أنه كان هدفا لهجوم مسلح، نجت فيه نجمة من الموت. للإشارة، سيتم اليوم عرض فيلم “ابو ليلى”، في ضمن مسابقة “أسبوع النقاد” بمهرجان كان.