واصل طلاب الجامعات وتلامذة المدارس في جمهورية النيجر مظاهراتهم المعارضة للوجود العسكري الأجنبي على أراضي بلادهم. وتتزاحم، كما هو معلوم، على أرض النيجر البلد الإفريقي الصغير، قواعد عسكرية أمريكية وفرنسية وألمانية، مكلفة كلها بالتصدي للجهاديين المسلحين الذين ينشطون على نطاق يتوسع يوما بعد يوم في المناطق الحدودية المشتركة بين ماليوالنيجر وبوركينافاسو. وقد نظم طلاب النيجر هذه التظاهرات تنديدا بحادثة مقتل 28 جنديا من قوات النيجر منتصف الشهر الماضي في هجوم شنه إرهابيون مسلحون تابعون لتنظيم "الدولة". ورفع طلاب النيجر لافتات طالبوا فيها الحكومة "بإجلاء القوات الأجنبية الجاثمة على أرض النيجر"، مؤكدين "أن وجود القوات الأمريكية والفرنسية والألمانية ليس له جدوى ما دام الإرهابيون المسلحون ينفذون دون أي عقاب، عملياتهم في وضح النهار". وردد الطلاب بطريقة مزمجرة على أنغام الموسيقى العسكرية الوطنية شعارات منها "الحياة لجيش النيجر"، "تسقط القواعد العسكرية الأجنبية"، يسقط الجيش الفرنسي"، يسقط الجيش الأمريكي"، "يسقط جهاديو بوكوحرام". وأكد المتظاهرون "أن مقتل العشرات من جنود النيجر، أمر كان بالإمكان تفاديه لو كانت القوات العسكرية الأجنبية الموجودة بأعداد هائلة على أرض النيجر، متعاونة ومهتمة بتأمين النيجر وجيشه وشعبه، لكن هذه القوات، حسبما تأكيدات المتظاهرين، لديها مهام ومشاغل أخرى". وتحدث هذه التظاهرات المرشحة للازدياد، بينما دعا وزير الداخلية النيجري والمرشح الرئاسي محمد بوزوم أمس شركاء النيجر الأوروبيين لمواصلة دعمهم الأمني والعسكري لبلاده وذلك خلال الدورة التاسعة للجنة تسيير بعثة "إكاب-ساحل-نيجر" التي يمولها الاتحاد الأوروبي منذ عام 2012 من أجل محاربة انعدام الأمن وصد الهجرة السرية. وأكد الوزير "أنه بالرغم من الجهود التي يبذلها شركاء النيجر، والتي مكنت النيجر من مواصلة حربها ضد الإرهاب والجريمة المنظمة، فإن الأسابيع الأخيرة شهدت ازديادا كبيرا غير مسبوق للهجمات الجهادية المسلحة ضد النيجر وجيشها الوطني، وضد مالي وبوركينافاسو المجاورتين". ودعا الوزير بوزوم "شركاء دول الساحل لمراجعة خطط ومقاربات مواجهة الإرهاب، واستحداث تنسيق أكثر قوة وجدية لمحاربة هذه الظاهرة المستفحلة". وتواجه جمهورية النيجر شأنها شأن دول الساحل الأخرى، على مستوى بعض مناطقها الحدودية، أنشطة مسلحة مربكة متواصلة عبر ثلاث جبهات أولاها مجموعات المهربين المسلحة التي تسيطر على الجنوب الليبي منذ سقوط نظام القذافي عام 2011، والثانية المجموعات المسلحة المرتبطة بتنظيم القاعدة في الغرب الإسلامي، والثالثة مسلحو حركة بوكوحرام الإرهابية التي تبث الرعب بين سكان ولاية ديفا جنوب شرق النيجر. إلى كل هذا انضافت قبل سنة من الآن، بؤرة توتر جديدة جنوب غرب النيجر على مستوى ما يعرف بالمنطقة الحدودية الثلاثية بين ماليوالنيجر وبوركينافاسو؛ ففي هذه البؤرة تنشط مجموعات جهادية مسلحة وأخرى ناشطة في مجال تهريب السلاح والسجائر والمخدرات، معرضة أمن الأشخاص والممتلكات لخطر دائم.