فيما تكافح شعوب القارة العجوز ضد فيروس كورونا المستجد، يبدو خطر الوباء العالمي منصبا على “الاتحاد الأوروبي”، بعد أن وضعه “كوفيد 19” في مواجهة انقساماته في ظل غياب واضح للتضامن. صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية سلطت الضوء على القضية واعتبرت أن الاتحاد الأوروبي يمر بأزمة وجودية تضعه على حافة الهاوية. ورأت الصحيفة أن الوضع الأوروبي حافل بالتقلبات، فعندما أعلن بعض الاقتصاديين عن احتمال حدوث أزمة مالية جديدة داخله، جاءت أزمة تفشي فيروس كورونا في نهاية المطاف، لتدمر الاقتصادات الوطنية لدول التكتل. وأضافت أنه بينما رأى البعض أن خطر تفكك الاتحاد الأوروبي قادم مع خروج بريطانيا، أو من دول الجنوب مثل اليونان وإيطاليا، بدا التهديد الآن قادما من دول الشمال على غرار ألمانيا وهولندا. وأوردت الصحيفة ما قالته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في 26 مارس الماضي: “نحن نتحدث كألمانيا وهذا ليس تصوراً لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي”، فيما كانت تعلق على أزمة كورونا. كما لفتت الصحيفة إلى ما قاله جان مونيه، أحد الآباء المؤسسين للاتحاد، إن “أوروبا تتقدم دائما في الأزمات. ولكن إذا كان هذا صحيحا، فيجب على الاتحاد أن يحقق قفزة كبيرة إلى الأمام”. وأشارت “لوفيجارو” إلى أن “أوروبا تمر بأزمة وجودية عميقة جراء تفشي جائحة كورونا على حافة الهاوية، لا سيما الأسبوع الماضي، فلم تستطع دول التكتل الأوروبي، مواجهة تفشي الفيروس وسارعت إلى تعليق اتفاقية (شنجن) وإغلاق حدودها الوطنية، الأمر الذي يكشف حالة الفوضى”. ورأت الصحيفة الفرنسية أن هذا الانقسام العميق ظهر خلال اجتماع الأعضاء ال27، في 26 مارس المنصرم، في المجلس الأوروبي لمناقشة الأزمة. وشهد الاجتماع العاصف، الذي عقد عبر الفيديو كونفرانس، خلافاً عميقاً بشأن “كورونا”، خاصة فيما يتعلق بتقاسم الدول الأعضاء التبعات الاقتصادية والمالية للأزمة. من جانبها، لفتت صحيفة “لوموند” الفرنسية إلى أن انقسامات الاتحاد الأوروبي تواجه خطراً مميتاً كشف عنه فيروس كورونا، موضحة أن هذا الانقسام انبثق بين دول الشمال والجنوب، وهو نفسه الذي ظهر خلال أزمة الديون في منطقة اليورو عام 2010، وعاد للظهور مجددا بقوة. ورأت “لوموند” أن سيناريو ظهور أزمة عميقة داخل الاتحاد الأوربي بدأ يلوح في الأفق بسبب عواقب (كوفيد-19)، موضحة أن الدول الأعضاء منقسمة على أنفسها حول الاستجابة الاقتصادية المشتركة لمواجهة عواقب الجائحة، ما يؤكد أنانية الدول الأعضاء خاصة الشمال. ومن المقرر أن يجتمع وزراء مالية منطقة اليورو، الثلاثاء المقبل، عبر الفيديو كونفرانس، لإيجاد أرضية مشتركة، قبل اجتماع مجلس رؤساء الدول والحكومات المقبل. .. انقسامات دول الشمال والجنوب ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى تصريح الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية في 28 مارس الماضي، الذي خرج عن صمته قائلاً: “لقد عاد ميكروب الانقسامات وهو خطر قاتل للمشروع الأوروبي، في حال أثبتت الدول الأعضاء بالصدفة أنها غير قادرة على إظهار تضامنها”. بدوره، حذر رئيس البرلمان الأوروبي الإيطالي ديفيد ساسولي من أنه “بدون تضامن، تنهار العلاقات وأسباب الوجود معا”. وفي 30 مارس الماضي، جاء دور رئيس مجموعة اليورو ماريو سينتينو، وهو أيضا وزير المالية في البرتغال، للتحذير من خطر “التفتت” داخل الاتحاد النقدي. وقال سينتينو في رسالة إلى نظرائه الأوروبيين: “علينا أن نستكشف سبل تطبيق الأدوات الموجودة، ولكن علينا أن نكون منفتحين لدراسة حلول أخرى عندما يثبت أن الأول غير ملائم”. وعادت “لوموند” قائلة إن “الأزمة تشتعل بين دول الاتحاد الأوروبي في الجنوب، الأكثر تضرراً وهشاشة لمواجهة الوباء، وبين دول الشمال التي تتزعم القيادة الاقتصادية، مثل ألمانيا وهولندا والنمسا”. وأوضحت الصحيفة أنه بدعم من فرنسا طالبت سبع دول أوروبية (اليونان والبرتغال وسلوفينيا وبلجيكا ولوكسمبورج وأيرلندا، انضمت إليها قبرص) بإنشاء أداة مشتركة لتبادل الديون في شكل “سندات كورونا”. بينما لا تريد الدول القوية اقتصادياً في أوروبا هذا الاقتراح، مفضّلة مسار آلية الاستقرار الأوروبية، وهي صندوق إنقاذ لمنطقة اليورو تم إنشاؤه في عام 2012، بتمويل قدره 410 مليارات يورو كائتمان، وهو نظام للمساعدة المشروطة، بمنح مقابل خطط التقشف الصارمة، وهو ما ترفضه دول الجنوب.