عاد شبح المواجهة العسكرية بقوة إلى شرق البحر المتوسط، عقب الاتفاق المصري اليوناني لتعيين المناطق الاقتصادية الخالصة بين البلدين وانهيار "الهدنة الألمانية" وإعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استئناف التنقيب في مناطق متنازع عليها وسط تحشيد عسكري غير مسبوق، وانتشار واسع لسفن التنقيب وفرقاطات وغواصات حربية، وإعلان أنقرة تنفيذ مناورات حربية بالذخيرة الحية خلال الأيام المقبلة. وفي أبرز تطور، أكدت وسائل إعلام تركية أن الجيش التركي أطلق إنذاراً بحرياً في مناطق واسعة شرق المتوسط ستجري فيها مناورات حربية بالذخيرة الحية يومي الإثنين والثلاثاء، بمشاركة سفن وفرقاطات وغواصات حربية، بالإضافة إلى قوات مختلفة من سلاح الجو، وهي مناورات قد تجري في مناطق متنازع عليها وتزيد من مخاطر الاحتكاك بين القطع البحرية التركية واليونانية المتزايدة في المنطقة. وعقب الاتفاق اليوناني المصري، أعلن الرئيس التركي استئناف عمليات التنقيب التي أوقفتها تركيا مؤقتاً بوساطة ألمانية، وقال: "استأنفنا عمليات التنقيب وأرسلنا من جديد بهذا الهدف (سفينة المسح الزلزالي) خير الدين بارباروس في مهمة". وأكد أردوغان أنه كان وافق على تعليق عمليات التنقيب بناء على طلب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بهدف "تسهيل" المحادثات بين تركيا واليونان، لكنه اتّهم أثينا "بعدم الوفاء بوعودها". لكن الخطر الأكبر لا يتعلق بتحريك سفينة "خير الدين بارباروس"، وإنما بتأكيد وسائل إعلام تركية أن أنقرة ستحرك أيضاً سفينة "أوروتش ريس" الموجودة حالياً قبالة سواحل مدينة أنطاليا والتي أوقف تحركها قبل نحو أسبوعين وساطة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والتي وصفتها صحيفة "بيلد" الألمانية بأنها منعت وقوع مواجهة عسكرية محققة بين تركيا واليونان. ومن المتوقع أن يؤدي توقيع اليونان على الاتفاق مع مصر واستئناف عمليات التنقيب بشكل يخالف ما جرى الاتفاق عليه مع تركيا بوساطة ألمانية إلى دفع تركيا للتعنت أكثر واستخدام كافة إمكانياتها لتعزيز انتشارها في شرق المتوسط وحماية المناطق التي تعتبرها تقع ضمن جرفها القاري، الأمر الذي سيصعب أي مهمة مقبلة لثني الأطراف عن التحرك ميدانياً والاتجاه نحو مائدة المفاوضات مجدداً، وهو بدوره سيزيد من مخاطر الصدام، وكتبت صحف تركية عناوين من قبيل "اليونان فقدت فرصتها الأخيرة".