نظم أول أمس المسرح الوطني محي الدين بشطارزي وفي إطار موسم الدخول الثقافي 2020 /2021 دورة "محمد ديب"، وضمن برنامجه الخاص بالمسارح الجهوية ندوتين فكرتين، الأولى خاصة بمسار المسرح الجهوي سوق أهراس نشطها كل من الدكتور جلال خشاب والدكتور مراد بن جريو، والثانية خاصة بالمسرح الجهوي سيدي بلعباس ونشّطتها الأستاذة عباسية مدوني. وقد تم التركيز في الندوتين التي احتضنتهما المكتبة الوطنية بالحامة، على تقديم إضاءة عن أبعاد المسارح الجهوية لكل من سيدي بلعباس وسوق أهراس، وقد تم الوقوف من خلالها عند عديد المحطات والنقط الهامة الخاصة بعدد التعاونيات والفرق والجمعيات التي أسهمت في الحراك الثقافي والفني المسرحي منذ الرعيل الأول إلى يومنا هذا، مع التركيز على أهمّ الجمعيات النشطة والفاعلة سواء في مجال الأنشطة المسرحية الخاصة بالأطفال أو الكبار دونما التغاضي عن إثارة قضية التكوين والتأطير كركيزة أساس من شأنها ضمان ثراء المشهد المسرحي بخاصة وأن مدينة سيدي بلعباس تزخر بعديد المواهب والطاقات الفاعلة والمبدعة، والأمر ينطبق على ربوع الوطن قاطبة إذا ما تمّ الأخذ بعين الاعتبار ضرورة وأهمية المتابعة الميدانية وضمان آليات التكوين على المدى القريب والبعيد. وفي مداخلة للأستاذة عباسية مدوني رئيس مصلحة البرمجة والإعلام على مستوى إدارة المسرح الجهوي لسيدي بلعباس جاءت بعنوان "المسرح الجهوي سيدي بلعباس والحركة الجمعوية"، قالت "إن الجميع دونما استثناء يركض وراء حلم ما، يعانق طموحا ما، الجميع غالبا يبحث عن الحفاظ على رائحة ستائر المسرح المغبّرة، ويجسّ نبض حركاته فوق الركح، يحاول الجميع أن يتملّص من الزحام في خضمّ بحثه عن ظلّ ما من سبقونا من أسماء فنية سامقة نثرت عبقها يوما" مضيفة "هؤلاء جميعا لهم في زاوية ما قصة شاهقة وطموح شرعيّ، يأتون دونما موعد منفتحين على الحياة والحب والحلم، باحثين عن سبيل لتحقيق الفرجة والمتعة، ليس الجميع فلاسفة ولا شعراء لكنهم عشّاق بامتياز للمسرح، يتوقون إلى مسرح جديد، إلى إبداع ونفس متجدّدين، باحثين عن العمق داخل كل إنسان، مثيرين الأسئلة الوثيقة بالراهن، الراهن التراجيدي والراهن الخلاّق للوجود، كل بأسلوبه وبفكرته وبنظرته". في السياق ذاته أكدت المتحدثة أن المسرح الجهوي لسيدي بلعباس لم يتوان يوما عن تقديم العروض المسرحية الهادفة والمميزة سواء أكانت موجهة للأطفال أم للكبار، وهذا إثراءً للفضاء المسرحي ومنح نفَس جديد للوجه الثقافي والفني، وما يزال حسبها المسرح فضاء للمتعة والفرجة، وغالبا ما ملأ المقاعد وبوجه خاص في المناسبات سواء أكانت عروضا عامّة أو ضمن برنامج ثقافيّ، وهذا ضمنانا لجمهور ذوّاق ومتلّق وفيّ، ناهيك عن العلاقات التفاعلية ما بين الفنانين والممارسين والحركة الجمعوية التي تبحث دوما عن طرائق للتواصل والاحتكاك والتفاعل . مدينة سيدي بلعباس معروفة بعدد الجمعيات والتعاونيات المنضوية تحت جناح ثقافيّ وفنيّ ، لكن القلّة القليلة منها من تنشط وتتفاعل وتسهم في مسار الحراك الفنيّ والثقافيّ ، وهذا يرجع في الأساس إلى افتقار أغلبيتها إلى خطّة منهجية من شأنها المساهمة الفاعلة ، كما نعزو ذلك إلى أنّ أغلبيتها ما تزال في مرحلة وضع الأسس اللازمة لتفعيل أنشطتها وبرنامجها السنوي ، وغالبا ما اعتمدت على الإعانات المناسباتية وأخرى تمّ حلّها لعدم التزامها بالقوانين أو جهلها بها. كما أشارت المتحدثة في سياق حديثها إلى أهمّ الجمعيات والتعاونيات والفرق الفنية التي اتخذت مسارا ثقافيا محضا ومسرحيا على وجه الخصوص ولعلّ أهمّها تعاونية الديك، تعاونية كاتب ياسين، جمعية مسرح الشباب والطفل–سيدي لحسن، جمعية نجوم الفن المسرحي "حسان الحسني"، جمعية عظيم فتيحة، جمعية البيان، جمعية الورشة الثقافية، جمعية مسرح الحرف، جمعية الخشبة الذهبية، تعاونية جهيد للمسرح والسينما، تعاونية ماشاهو للحكواتي "ماحي مسلم صديق"، فرقة مسرح موزاييك ، جمعية فن الخشبة وجمعية فنون العرض وسينما الشباب، وجميع تلكم الفرق والجمعيات قد تركت بصمتها في عالم المسرح والفن من حيث إنتاج العروض وتمثيل الجزائر في المحافل العربية والدولية، ناهيك عن تقديمها مشاريع وأنشطة مسرحية كانت وجها من وجوه تفعيل الحركة المسرحية بمدينة سيدي بلعباس، أضف إلى ذلك فرقة المقهى الأدبي ومسرح القول، فرقة الحلقة للثقافة والفنون، والتعاونية الثقافية والفنية "الجوهرة" . جميع تلكم الجمعيات والتعاونيات والفرق قد أسهمت في انتعاش الحركة المسرحية وبعث النشاط المسرحي بشكل موسّع كثيف ، وهي بطريقة أو بأخرى تسهم في احتضان الطاقات والمواهب وتحافظ على مسار النشاط المسرحيّ ، إذ للمسرح مكانة خاصة لدى شباب سيدي بلعباس، لكن يبقى العائق الوحيد أمام هته الجمعيات عدم تمكّنها من آليات التواصل والاحتكاك فيما بينها، وغالبا غياب المجتمع المدني وعدم مشاركته في الفعل الثقافي إلا نادرا وفي مناسبات معيّنة، ولعلّ أهمّ ما وجب التركيز عليه في ظل تحقيق التواصل بين هته الجمعيات والفرق والتعاونيات عدم استثمارها في منظومة الرقمنة التي من شأنها توسيع دائرة أنشطتها ومبادراتها، مع تغييب سياسة التكوين والورشات والتأطير والتي من شأنها تحقيق الفعالية والنجاعة في مسار تلكم الجمعيات وضمان نشاطها السنوي دونما قطيعة بخاصة وأن اغلب الجمعيات تتوفر على طاقات إبداعية واعدة، من شأن تلكم الجمعيات وغيرها من التعاونيات والفرق أن تكون أكثر إسهاما في الفعل الثقافي والفني والاستثمار في أبي الفنون، لتكون واجهة حيوية لواقع مسرحي واعد، إن تمّ فعلا تحقيق الانصهار والتلاقح فيما بينها وما بين الجهات الوصية.